للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر قصة أبي بكر عندما أعطاه غلامه شيئاً حراماً أكله ثم تقيأه

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان لـ أبي بكر الصديق رضي الله عنه غلام يخرج له الخراج، وكان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يوماً بشيء، فأكل منه أبو بكر، فقال له الغلام: تدري ما هذا؟ فقال أبو بكر: وما هو؟ قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية، وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته، فلقيني فأعطاني بذلك هذا الذي أكلت منه، فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه) رواه البخاري.

غلام أبي بكر أي: عبد عند أبي بكر رضي الله عنه كان يأتي بالخراج فيدفعه لـ أبي بكر الصديق رضي الله تبارك وتعالى عنه، فهذا العبد كان كلما أتى إلى أبي بكر بشيء من طعام حلال يأخذه أبو بكر رضي الله عنه.

وفي مرة من المرات أخذ أبو بكر ما أتاه الرجل به وأكله رضي الله تبارك وتعالى عنه، ولم يأخذ في باله أنه حرام؛ لأنه دائماً كان يأتيه بحلال، لكن هذه المرة قال الغلام لـ أبي بكر الصديق رضي الله عنه: تدري ما هذا الذي أكلته؟ وكأنه قد أفلح أنه استطاع أن يجعل هذا الرجل الذي تكهن له أن يعطيه حلوى.

فقال الغلام: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية، وفي رواية: (لإنسانة) امرأة كانت حامل، فعلمها كلمات تقولها حتى يكون المولود ذكراً حسب زعمه، فلمَّا خلفت المرأة ولداً قابله زوجها وأعطاه حلوى، فأخذها وذهب إلى أبي بكر يخبره عما فعل، وكأنه يشير إلى أنه كان ذكياً في ذلك.

(فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه)، فقد حاول أبو بكر أن يستفرغ كل الذي في بطنه حتى أجهد نفسه، فدلوه على شرب الماء ثمَّ يتقيأ ففعل رضي الله تبارك وتعالى عنه وهو يقول لهم: لو لم تخرج إلا بروحي لأخرجتها، وأخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما نبت من حرام فالنار أولى به)، أي: الجسد الذي ينبت من الحرام أولى أن يدخل نار جهنم، فلذلك خشي أبو بكر رضي الله تبارك وتعالى عنه على نفسه من النار ففعل هذا الشيء.