للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المتكبر لا يدخل الجنة]

من الأحاديث في هذا الباب: ما رواه مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر).

الذرة: النملة، يعني: من كان في قلبه قدر النملة من الاستكبار، فهذا لا يستحق أن يدخل الجنة؛ لأنه متطاول على الناس، يرى أنه أعظم منهم، لا يكلمهم إلا بترفع وتطاول، فحال من في قلبه مثقال ذرة أنه لا يدخل الجنة، فكيف بمن كان في قلبه الكبر كله؟! سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً، ونعله حسنة)، يحب أن حذاءه يكون حلواً وأن ثوبه يكون حسناً، فهل هذا كبر؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله جميل يحب الجمال) أي: لا مانع من أن تلبس الثوب الحسن والنعل الحسن، بل الله عز وجل إذا أنعم على عبد نعمة يحب أن يرى أثر هذه النعمة عليه.

إذا أنعم عليك بمال فلا تلبس لبس امرأة، بل البس لبسة الرجل، لكن أن تلبس حذاءً حسناً من أجل أن تمشي فتضرب برجلك على الأرض فهذا هو الكبر؛ لأنك تريد أن تتعالى ويظهر فضلك على الناس، وهذا ما لا يحبه الله عز وجل.

ثم قال صلى الله عليه وسلم: (الكبر بطر الحق، وغمط الناس) غمطهم وغمصهم بمعنى واحد، أي: أن الإنسان يرى أن الناس تحته مغموصين، كل الناس ليس لهم قيمة عنده ولا وزن.

بطر الحق، يعني: عدم قبول الحق، إذا عرف أن الحق في هذا الشيء لا يفعله، يقول: قال الله كذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام كذا ولا يقبل أن يصنع، مستكبر، إذا دعوا إلى الله وإلى رسوله إذا هم معرضون عن ذلك، وغمط الناس: احتقار الناس، فيراهم أسفل منه.

روى مسلم عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: (أن رجلاً أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله)، هذا نوع من أنواع الكبر، ويقد يكون الفاعل جاهلاً (فقال له: كل بيمينك) كعادته في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصح لكل مسلم، فنصحه النبي صلى الله عليه وسلم، فأنف هذا الرجل واستكبر على النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: (لا أستطيع) كثير من الناس تقول له: اعمل كذا وهو يعرفه ويجيده، ولكن يستكبر، قال: (ما منعه إلا الكبر) علم النبي صلى الله عليه وسلم أنه يده سليمة، لكنه يأكل بشماله استكباراً، فدعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فما كان إلا أن شلت يد الرجل فما رفعها إلى فيه.

ومثله ذلك الرجل الذي زاره النبي صلى الله عليه وسلم وكان مريضاً وعنده حمى فقال له: (لا بأس طهور إن شاء الله) كلامه جميل ودعوته مباركة صلوات الله وسلامه عليه، ولكن الرجل بسبب الجهالة والحماقة يقول: (بل حمى تفور على شيخ كبير تزيره القبور)، انظر إلى الرد السخيف على كلام النبي صلى الله عليه وسلم!