للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تكريم اليمنى في الدنيا والآخرة]

يقول الإمام النووي: [قال الله عز وجل: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} [الحاقة:١٩] فشرف الله عز وجل اليمنى بأخذها الكتاب يوم القيامة، ليكون من الناجين، نسأل الله عز وجل أن يجعلنا منهم، فيقبض ويأخذ كتابه بيمينه فيقول: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة:١٩ - ٢١].

هذا الذي أخذ كتابه بيمينه هو في عيشة راضية، وانظروا إلى الإنسان الذي ينجح في دراسته، كيف أنه يفرح فرحاً شديداً، لكن أعظم نجاح للإنسان عندما يأخذ كتابه بيمينه، فهذا هو النجاح الأبدي والحقيقي.

ولذلك المؤمن يقول فرحاً مسروراً: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة:١٩] أي: تعالوا اقرءوا كتابي، فرح عظيم يوم القيامة لا يساويه فرح أبداً: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ} [الحاقة:١٩ - ٢٠] أي: كنت خائفاً من أن عملي لا يدخلني الجنة، ولكن الله تكرم عليَّ ومنّ عليَّ.

ثم قال الله عز وجل: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة:٢١ - ٢٤].

قال الله: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ} [الحاقة:٢٥ - ٢٦] أي: لم أكن متوقعاً هذا الحساب، ولم أدر ما هو الحساب: {يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ} [الحاقة:٢٧] أي: يا ليت هذه الموتة التي متها كانت آخر موتة لي، وما حييت بعدها أبداً: {يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} [الحاقة:٢٧ - ٢٩].

كلام فيه الحسرات والعياذ بالله، فيتحسر على نفسه، حيث لا ينفعه شيء يوم القيامة.

والمقصود: أن اليمين كرمت في الدنيا وفي الآخرة، بأن يأخذ بها الإنسان كتابه من الله سبحانه تبارك وتعالى يوم القيامة.

قال الإمام النووي: [وقال الله تعالى: {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} [الواقعة:٨] فكرمها {مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ} [الواقعة:٨ - ٩] ففرق بين هؤلاء وهؤلاء!