للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم استعمال الحرير والديباج والذهب والفضة]

عن حذيفة رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن الحرير والديباج، والشرب في آنية الذهب والفضة وقال: (هي لهم في الدنيا، وهي لكم في الآخرة) متفق عليه.

والحرير: هو ما كان ثوباً خالصاً من حرير، فإن كان الحرير رقيقاً سمي بالسندس، وإن كان غليظاً سمي بالإستبرق، وقد يكون مخلوطاً بغيره فيسمى بالديباج، وذلك كأن يكون الثوب الحرير فيه بعض الصوف، إلا أن الغالب عليه أنه حرير.

فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى الرجل أن يلبس ثوباً خالصاً من حرير، أو ثوباً أكثره حرير.

ويجوز أن تكون بعض الخيوط في الثوب الذي تلبسه حريراً، لكن بمقدار أصبع أو أصبعين، أو ثلاث أو أربع كأقصى حد، فقد رخص فيه النبي صلى الله عليه وسلم.

فقال: (نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن الحرير والديباج، والشرب في آنية الذهب والفضة) أي: لا يجوز لك أن تشرب أو تأكل في آنية الذهب والفضة؛ لأنه لا يفعل ذلك إلا المستكبرون، وأنت عبد مؤمن متواضع لله عز وجل، ومن فعل ذلك فقد حرمه الله عز وجل من الجنة، وكان مصيره إلى النار، فلا تفعل هذا الشيء، فيكون مصيرك النار.

قال: (هي لهم في الدنيا) أي: الكفار في الدنيا يستخدمونها ويستكبرون بها، أما أنتم فهي لكم في الجنة، ومن ذا الذي يضيع الجنة بأن يأخذ حظه في الدنيا، فيبدل الشيء العظيم بالشيء التافه الحقير الذي لا قيمة له؟ قال صلى الله عليه وسلم: (هي لهم في الدنيا، وهي لكم في الآخرة).

فإذاً: لا يجوز للإنسان أن يأكل ويشرب في آنية الذهب والفضة، فإن كانت أواني الذهب والفضة محرمة في العبادة حيث لا يجوز للإنسان أن يتوضأ من إناء ذهب أو فضة، فهذا من باب أولى في النهي عنه.

عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم) متفق عليه.

وفي رواية لـ مسلم: (إن الذي يأكل أو يشرب في آنية الفضة والذهب إنما يجرجر في بطنه نار جهنم)، والمعنى: كأن من يشرب في إناء الذهب والفضة يعجل على نفسه نار جهنم والعياذ بالله.

ومن هذا الحديث نعرف لم قذف حذيفة دهقان الفرس بإناء الذهب أو الفضة، وذلك أن حذيفة رضي الله عنه عطش ذات مرة وكان أميراً في المدائن رضي الله عنه، فطلب ماءً فإذا بالدهقان يأتي له بإناء من ذهب أو فضة فيه ماء، فأخذه وقذفه به؛ وذلك لأن هذا الرجل عرف نهي النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه كان يستهين بهذا النهي، ولذلك التفت لمن معه وقال: أما إني لو لم أنهه مرة ولا مرتين ولا ثلاثة، يعني: أنا نهيته كذا مرة، إلا أنه متعمد لمخالفة ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، فاستحق أن يقذفه بهذا الإناء ليؤدبه، والله أعلم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم.

وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.