للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل ذكر الله تعالى]

لقد أمرنا الله عز وجل بذكره فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الأحزاب:٤١ - ٤٢]، فالمؤمن دائماً يجعل اللذة والمتعة في أنسه بالله سبحانه، وفي طاعته لله وذكره له، ويتذوق حلاوة طعم الذكر فيذكر الله سبحانه عند طعامه وشرابه، وعند خروجه من بيته ودخوله، وعند خروجه من المسجد ودخوله فيه، وعند دخوله الخلاء، وعند نومه وقيامه في الليل ونحو ذلك، فيذكر الله سبحانه تبارك وتعالى ذكراً كثيراً، وقد أمر الله بذلك فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الأحزاب:٤١ - ٤٢]، فإذا كان الإنسان ماشياً في طريق ولم يذكر الله سبحانه، وإنما يذكر الدنيا فهو مشغول بأمر الدنيا، والكثير منا للأسف على هذه الحال حتى ولو ذكروا لا يتذكرون.

فالإنسان قد يسمع الأذان فيردد الأذان، ولكن تجد الكثير منا يسمع الأذان ولا يبالي بترديده وراء المؤذن، وقد يكون جائياً إلى بيت الله سبحانه، ولكن أخذه الحديث في الدنيا، وكثير من الإخوة نمشي معهم على هذه الصورة، المؤذن يؤذن وهو يتكلم مشغول بأمر الدنيا! فهنا يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنك إذا قمت من المجلس ولم تذكر الله سبحانه، كان عليك حسرة وإذا أخذت مضجعك ولم تذكر الله، كان عليك ترةً يوم القيامة، وترة بمعنى: حسرة يتحسر الإنسان يوم القيامة، فيقول: يا ليتني ذكرت الله، لو كنت ذكرت الله سبحانه تبارك وتعالى لكان رفعني أعلى من الدرجة التي أنا فيها الآن؛ ولذا يوم القيامة يسمى بيوم التغابن، اليوم الذي يرى كل إنسان فيه نفسه مغبوناً منقوصاً من حقه، من الذي نقصه؟ ليس هو الله سبحانه وتعالى، وإنما نفسه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} [فصلت:٤٦].

فالإنسان خدع نفسه في الدنيا، يسوف في الطاعة، ويسوف في التوبة، فإذا به يغبن في هذه الدنيا، فيوم القيامة يتذكر ويقول: يا ليتني! عن أبي هريرة مرفوعاً: (ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله تعالى فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان لهم حسرة).

ورواه أحمد بلفظ: (وكان ذلك المجلس عليهم حسرة يوم القيامة)، فإذا جاء يوم القيامة تذكر هذا المجلس وكان حسرة عليه، وفي الدنيا يقومون عن مثل جيفة حمار! كأنه وليمة، والوليمة هذه الذي يدعي إليها الناس يكون فيها طعام طيب، فهذه الوليمة التي كان فيها هذا الكلام الخبيث كأنهم جلسوا ليأكلوا حماراً منتناً، فقاموا عن مثل هذا المجلس، كيف يكون عليهم يوم القيامة؟! فيكون عليهم حسرة يوم القيامة.

وفي الحديث الآخر قال: (ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله تعالى ولم يصلوا على نبيهم صلى الله عليه وسلم فيه إلا كان عليهم ترة)، فاحرص على أن تذكر الله سبحانه تبارك وتعالى فيه، وأن تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يكون عليك حسرة يوم القيامة.

ثم قال: (إلا كان عليهم ترة، فإن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم) إذا أخذتم المجلس كله في اللهو وفي ذكر الناس بالغيبة والنميمة وأتيتم على ذكر الله فامتنعتم يكون ترة على أصحابه، إن شاء الله غفر لهم، وإن شاء عذبهم بذلك.

الحديث الأخير فيه: (من اضطجع مضجعاً لا يذكر الله تعالى فيه)، فهنا ذكر الاضطجاع والجلوس، وجاء في مسند الإمام أحمد أيضاً أن من مشى في طريق لم يذكر الله سبحانه تبارك وتعالى فيه إلا كان عليه ترة.

والمؤمن عندما يتذكر الثواب المترتب على ذكر الله ويقارن عندما نقعد نتكلم في سيرة فلان أوعلان، ونتكلم عن عملنا في هذا اليوم، وماذا سنعمل غداً وكذا أين الثواب الموجود في هذه الأشياء؟ قد يكون كلاماً نحتاج إليه ولكن لو خلط هذا الكلام بذكر الله عز وجل لكان لنا عند الله عز وجل منزلة.

فلو أنك ذكرت الله ولو بقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، اللهم صل على محمد صلوات الله وسلامه عليه، وتذكر الله سبحانه، وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم؛ كان لك الأجر العظيم عند الله، وكنت يوم القيامة في منازل الصالحين.

نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من عباده الصالحين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.

وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.