للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ليس كل ضعيف من أهل الجنة]

هل يا ترى كل إنسان ضعيف ستكون له هذه المرتبة العالية، أم أنه يشترط أن يكون إنساناً تقياً، يأتي بالفرائض، ويجتنب ما حرم الله سبحانه؟ لا بد أن يكون على هذا، ولذلك جاء في صحيح مسلم من حديث عياض بن حمار قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدق موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال).

ثلاثة من أهل الجنة: إنسان ذو سلطان، ولكنه على عدالة، مقسط يعطي الحقوق، ويأمر بما أمر الله عز وجل به، وينهى عما نهى الله عز وجل عنه، ولا يفرق بين الناس.

والثاني: (ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم).

والثالث: (عفيف متعفف ذو عيال)، أي فقير ولكنه عفيف، عنده عيال ومحتاج ولكنه لا يسأل الناس شيئاً، فهذا من أهل الجنة.

أما أهل النار فهم خمسة، قال: (الضعيف الذي لا زبر له، الذين هم فيكم تبعاً لا يبتغون أهلاً ولا مالاً)، أي: إنسان ضعيف، ولكنه إمعة منافق يسير وراء أصحاب الرياسة ليأخذ منهم، فهو ضعيف لكن ليس عنده عقل يأمره بالصحيح، ولا يحاول أن يفكر مثل الناس، لو أساء الناس قلدهم، أو كانوا مجرمين فهو مثلهم، أو طيبين قلدهم، فهو يقلد الناس فحسب ليعطوا له حسنة، هذا الإنسان من أهل النار مع أنه ضعيف، سبحان الله! بؤس في الدنيا وبؤس في الآخرة، فهو من شر الخلق، لا الدنيا انتفع فيها بشيء، وحتى يوم القيامة يضيع هذا الضعيف الذي لا عقل له، (الذين هم فيكم تبعاً لا يبتغون أهلاً ولا مالاً) يعني: يعيش في الدنيا لا يريد أي شيء، عاش نكرة ومات نكرة، ويوم القيامة يحشر مع هؤلاء الذي كان يتبعهم في الدنيا.

الثاني: (والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه).

(يخفى) بمعنى: يظهر، يعني: أي مطمع يظهر له يأخذه من حلال أو من حرام، فهذا من أهل النار، أي: الذي لا يبالي هل يأكل من حلال أو حرام، يأخذ الشيء من حله أو من حرمته، ولا يهمه.

الثالث: (ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك).

الذي يقدر عليه يأخذه منك ويضحك عليك به سواء من أهلك أو من مالك.

الرابع: (البخل والكذب) أي: الإنسان البخيل أو الكذاب.

الخامس: (الشنظير الفحاش) يعني: بذيء اللسان.

وهؤلاء كلهم من أهل النار، إذاً ليس أي ضعيف من أهل الجنة، بل الإنسان المؤمن الذي خلقه الله ضعيفاً، يأخذ بالأسباب ولكن لا حيلة له، فهذا ضعفه الله في الدنيا ولكن قواه يوم القيامة، أفقره في الدنيا وأغناه يوم القيامة، جعله في الدنيا لا يؤبه له وجعل الناس ينظرون إلى منزلته يوم القيامة.

نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أوليائه وعباده الصالحين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.