للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شرح حديث: (ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما)]

روى أبو داود عن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما) هذا الحديث في المصافحة، يعني: تمد يدك وتسلم على أخيك وتصافحه، فيقول: إن في ذلك غفراناً للذنوب، أي: أن الله عز وجل يغفر بهذه المصافحة، فكونك تمد يدك لأخيك فهذا دليل التواضع ودليل المحبة، فبالمصافحة تنتشر المحبة بين المؤمنين، بالتسليم وبالمصافحة فيقول: (ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا) يعني: عند أن يضع المرء يده في يد الثاني ويسلم عليه ويقول: السلام عليكم ورحمة الله، فهو يدعو له، فالله عز وجل يستجيب لدعاء أحدهما لصاحبه ويغفر للاثنين، قال: (إلا غفر لهما قبل أن يفترقا).

وفي رواية لهذا الحديث من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في مسند الإمام أحمد يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلمين التقيا فأخذ أحدهما بيد صاحبه إلا كان حقاً على الله أن يحضر دعاءهما، ولا يفرق بين أيديهما حتى يغفر لهما) هنا حق على الله عز وجل أن يحضر الدعاء، والله سبحانه وتعالى لا يغيب عنه شيء، فكل إنسان سواء كان مسلماً أو كافراً يقول شيئاً أو يفعل شيئاً فالله عز وجل يشهد ذلك، ولكن هنا كأن الحضور له معنى آخر، يعني: إما حضور لرحمة هؤلاء، وإما حضور لتعذيب هؤلاء، أو شهادة على هؤلاء، فهنا أن حضور الله سبحانه وتعالى يكون على المعنى الخصوصي لهؤلاء بمغفرته وبرحمته، فهو شاهد يشاهد كل شيء، ويحضر مع كل واحد، والله سبحانه أقرب إلينا من حبل الوريد، وأقرب إلينا بفعله سبحانه وبقوته وقدرته، فحضوره سبحانه وتعالى هنا برحمته، فهو سبحانه وتعالى يرحم ويغفر، ويستجيب لدعاء أحدهما لصاحبه، ولا يفرقا بين أيديهما حتى يغفر لهما.