للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شرح حديث: (ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان)]

ومن الأحاديث التي جاءت عنه صلى الله عليه وسلم: (ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان، ولا اللقمة واللقمتان، إنما المسكين الذي يتعفف).

إن النبي صلى الله عليه وسلم يحدد لنا المسكين، وقد قال الله سبحانه وتعالى في القرآن: {تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة:٢٧٣].

والنبي صلى الله عليه وسلم يذكر من هو هذا المسكين، فهناك أشخاص يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم ويسألونه، وهناك من هو رث الهيئة أمام النبي صلى الله عليه وسلم، فيسأله الناس عن حاله فيجيب: الحمد لله أعطاني الله من كل النعم، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أنعم على أحدكم فلير أثر نعمته عليه).

فقوله صلى الله عليه وسلم: (ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان)، المعنى: المسكين ليس الذي يسأل الناس دائماً، إنما المسكين ذلك الإنسان الذي يتعفف، ولا يسأل وهو محتاج، يبيت جائعاً ولا يطلب من أحد أن يعطيه شيئاً، فهذا هو المسكين الذي يحسن إليه، ويبحث عن مثله؛ لأنه ينفعك في الدنيا ويدعو لك، ويوم القيامة قد يشفع لك.

وفي رواية أخرى لهذا الحديث: (لكن المسكين الذي لا يجد غنىً يغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس)، هذا المسكين ليس له غنى يغنيه، وعمله لا يكفيه لينفق على أهله وعلى عياله، ولا يفطن له، فهذا هو المسكين الذي تعطيه المال.

فليس كل إنسان يطلب من الناس هو الذي مدحه النبي صلى الله عليه وسلم، وكم من إنسان يسأل الناس ويمد يده للناس وهو أغنى من الذي يطلب منه.

ومن السائلين من يقف أمام باب المسجد أو في المسجد ويشكو أمراضاً وأسقاماً وآلاماً وهموماً ثم يفضحه الله عز وجل وينكشف أمره بأنه أغنى ممن هم في المسجد، فمثل هؤلاء لا يستحقون الصدقة، ولا يجوز لك أن تنهر المسكين، ولكن لا يجوز لك أن تشجعه كذلك.