للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرح حديث: (لو كنت مستخلفاً أحداً عن غير مشورة لاستخلفت ابن أم عبد)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فضل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

حدثنا علي بن محمد حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو كنت مستخلفاً أحداً عن غير مشورة لاستخلفت ابن أم عبد)].

هذا الباب معقود لفضائل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وهذه المقدمة لـ ابن ماجه رحمه الله مقدمة عظيمة مهمة تتعلق بالعقيدة، وفضائل الصحابة، وقد سبقت التراجم في فضل الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم، وبقية العشرة المبشرين بالجنة.

وابن أم عبد هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وهذا الحديث ضعيف؛ لأنه من رواية الحارث الأعور، وهو ضعيف شيعي مدلس.

وقوله: (لو كنت مستخلفاً أحداً من غير مشورة لاستخلفت ابن أم عبد) يعني: ابن مسعود، معناه يعارضه الحديث الآخر الذي قال: (الأئمة من قريش).

وفي الصحيح: (أنه لا يزال هذا الأمر -يعني: الخلافة- في قريش ما بقي منهم اثنان) وابن أم عبد ليس من قريش وإنما هو من هذيل، ولو صح لكان محمولاً على أن هذا الاستخلاف في أمر خاص، في إمارة سرية أو ما أشبه ذلك، وليس المراد به الإمامة الكبرى؛ لأن الإمامة الكبرى إنما هي في قريش، إذا كان الاختيار للمسلمين وما أقاموا الدين وما بقي فيهم اثنان، كما في صحيح مسلم: (لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان)، وفي رواية أخرى: (ما أقاموا الدين)، وفي الحديث الآخر في غير الصحيحين: (الأئمة من قريش)، هذا إذا كان اختياراً وانتخاباً من المسلمين، ولهذا كان الخلفاء الأربعة كلهم من قريش، أما إذا غلبهم شخص بقوته وسلطانه فتتم له البيعة ولو لم يكن من قريش.

والخلافة من بعد الخلفاء الراشدين إلى يومنا هذا ليست باختيار وانتخاب، فالخلافة كما سبق والولاية تثبت لولي الأمر بواحدة من ثلاثة أمور: الأمر الأول: الانتخاب والاختيار، كما ثبتت للصديق.

الأمر الثاني: العهد من الخليفة السابق لمن بعده، كما عهد أبو بكر رضي الله عنه بالخلافة لـ عمر.

الأمر الثالث: القوة والغلبة، ولهذا جاء في حديث أبي ذر قال: (أمرني خليلي صلى الله عليه وسلم أن أسمع وأطيع لولي الأمر، وإن كان عبداً حبشياً مجدع الأطراف)، وفي لفظ: (ولو لعبد حبشي كأن رأسه زبيبة).

ومعلوم أنه لو كان الاختيار للمسلم فإنه لن يختار الحبشي الذي بهذا الوصف.

والمقصود: أن هذا الحديث فيه ضعف، ولو صح لكان محمولاً على أن الاستخلاف في شيء خاص: في إمارة سرية، أو إمارة في جهة من الجهات.

[ولكن أخرجه النسائي في الكبرى، قال: أخبرنا عمرو بن يحيى بن الحارث قال: حدثنا المعافى قال: حدثنا القاسم -وهو ابن معن - عن منصور بن المعتمر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي به، وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات سوى عاصم بن ضمرة السلولي الكوفي فإنه صدوق وثقه علي بن المديني والعجلي ويحيى بن معين وابن كعب والترمذي].

وهذا لو صح يحمل على أنه ليس في الإمامة الكبرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>