للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ترك الصلاة من أسباب سوء الخاتمة]

إن ترك الصلاة من أسباب سوء الخاتمة والعياذ بالله، قال الإمام أبو محمد عبد الحق رحمه الله تعالى، وهو مشهور جداً بـ ابن عطية صاحب التفسير المعروف: اعلم أن سوء الخاتمة -أعاذنا الله منها- لا تكون لمن استقام ظاهره وصلح باطنه.

فالإنسان إذا وفق إلى الأعمال الصالحة وحافظ عليها حتى الممات، فإنه يوفق إلى حسن الخاتمة.

وسوء الخاتمة إنما تكون لمن كان عنده فساد في العقل أو إصرار على الكبائر وإقدام على العظائم، فربما غلب ذلك عليه حتى ينزل به الموت قبل التوبة، فيغتنمه الشيطان عند تلك الصدمة ويختطفه عند تلك الدهشة والعياذ بالله، أو يكون ممن كان مستقيماً ثم يتغير عن حاله ويخرج عن سننه ويأخذ في طريقه، فيكون ذلك سبباً لسوء خاتمته وشؤم عاقبته، نسأل الله العافية.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالخواتيم) رواه البخاري.

وهذا مثل رجل صلى صلاة طويلة خشع فيها وأطال ركوعها وسجودها وكذا وكذا، ثم قبل أن يسلم مباشرة نقض وضوءه، فهل تقبل تلك الصلاة أم أنها تبطل كلها؟ تبطل كل الصلاة التي مرت، وكذلك مثل من صام يوماً طويلاً شديداً حره ثم أفطر قبل المغرب بدقيقة واحدة، فإنه يبطل كل ما مضى من صيام النهار.

فكذلك العمر فإن العبرة بالخواتيم، ومن ثم (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استودع رجلاً مسافراً يقول له: أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك).

لأن العبرة بخواتيم الأعمال.

ويقول صلى الله عليه وسلم: (يبعث كل عبد على ما مات عليه) رواه مسلم.

كذلك الذي يصلي وهو يسيء صلاته فإنه متوعد بسوء الخاتمة، فكيف بمن يترك الصلاة بالكلية؟! ورد في الأثر: (أن حذيفة رضي الله عنه رأى رجلاً لا يتم ركوعه ولا سجوده، فقال: لو مات هذا على حاله هذه مات على غير ملة محمد صلى الله عليه وسلم).

وكم شاهد الناس من أحوال المحتضرين من تاركي الصلاة عبراً! والذي يخفى عليهم أعظم وأعظم، وكيف يوفق لحسن الخاتمة من أغفل الله قلبه عن ذكره، وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا؟! وكيف لا تكون خاتمته سيئة وهو مضيع للصلاة، وعنده إصرار وثبات على هذا العهد الشيطاني إلى أن تأتيه الغرغرة وتخرج روحه، وهو مصر على ترك الصلاة؟! فأي شؤم أكثر من شؤم ترك الصلاة!

<<  <  ج: ص:  >  >>