للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أقوال الصحابة في أهمية الصلاة وحكم تركها]

عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: (أما إنه لا حظ لأحد في الإسلام أضاع الصلاة) وروي عنه بلفظ: (لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة).

وعن عبد الله بن شقيق رضي الله تعالى عنه قال: (كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة) وهذا صحيح.

يعني: كان مستقراً عند الصحابة أن الشخص الذي لا يصلي لا أمل له في النجاة، وهو مستحق أن يعذبه الله تبارك وتعالى على ترك الصلاة كما سنبين إن شاء الله تعالى، فكان الصحابة عموماً قد استقر في قلوبهم أن غير المصلي لا نجاة له؛ ولذا كانوا يلغزون بذلك، فيقول الدينوري: (كان أبو هريرة رضي الله تعالى عنه إذا جلس مع أصحابه يقول لهم: حدثوني عن رجل دخل الجنة لم يصل قط).

فهذا لغز لا يتصور، فنجاة غير المصلي شيء على خلاف الأصل، إذ لا مطمع له ولا مطمح في النجاة.

قال: فسكت الصحابة؛ لأنهم لا يتصورون أن ينجو غير المصلي، فيقول أبو هريرة رضي الله عنه: هو أخو بني عبد الأشهل عمرو بن أقيش رضي الله عنه، وكان له رباً في الجاهلية، فكره أن يسلم حتى يأخذه، فجاء يوم أحد، فقال: أين بنو عمي؟ قالوا: بأحد، قال: أين فلان؟ قالوا: بأحد، قال: فأين فلان؟ قالوا: بأحد، فلبس لأمته -لباس الحرب- وركب فرسه، ثم توجه قبلهم، فلما رآه المسلمون توقعوا منه شراً؛ لأنهم لم يكونوا علموا أنه دخل في الإسلام، فلما رآه المسلمون مقبلاً عليهم، قالوا: إليك عنا يا عمرو -يعني: ابتعد عنا- قال: إني قد آمنت، فقاتل حتى جرح، فحمل إلى أهله جريحاً، فجاءه سعد بن معاذ رضي الله عنه، فقال لأخته: سليه أقاتلت حمية لقومك أو غضباً لهم أم غضباً لله عز وجل؟ فقال: بل غضباً لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فمات فدخل الجنة، وما صلى لله عز وجل صلاة).

وهذا؛ لأنه أسلم ولم يأت عليه وقت صلاة، بل شارك في الجهاد فقتل، فهو لم يمتنع عن أداء الصلاة، ولو حضر وقت الصلاة لوجب عليه أن يصلي.

وصح عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال: (لا إيمان لمن لا صلاة له، ولا صلاة لمن لا وضوء له) يعني: كأن الصلاة شرط في صحة الإيمان، كما أن الوضوء شرط في صحة الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>