للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ترك الصلاة خيانة للأمانة التي حملها الإنسان]

إن ترك الصلاة خيانة للأمانة، فإن الله تبارك وتعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال:٢٧]، والمعاصي كلها خيانة لله عز وجل، ولا شك أن رأسها وأولها ترك الصلاة، يقول تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء:٥٨]، وقال أيضاً: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب:٧٢] أي: التكاليف الشرعية.

وقال في وصف المؤمنين: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} [المؤمنون:٨].

والأمانة من حيث معناها هي أوسع من مجرد حفظ الودائع، وأغلب الناس إذا سمعوا كلمة الأمانة، تنصرف أذهانهم إلى حفظ الودائع، فصار معنى الأمانة ضيقاً محدوداً، فالأمانة أوسع من هذا المعنى الضيق الذي يظنه الناس؛ لأن الأمانة هي التكاليف الشرعية التي ائتمن الله عباده عليها، فأمرهم بها بحيث إذا فعلوها أثيبوا، وإن تركوها عوقبوا.

قال أبو العالية: الأمانة ما أمروا به أو نهوا عنه.

ولاشك أن الصلاة من أعظم الأمانات التي كلفنا الله بحفظها، فمن ضيعها فقد خان الله عز وجل ونقض عهده، كما قال عز وجل: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [المائدة:٧]، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له).

وكان صلى الله عليه وسلم إذا ودع رجلاً قال: (أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك) قوله: (أمانتك) أي: كل الأمانات وليس فقط شيئاً محدوداً؛ وذلك لأن السفر مظنة للمشقة، فربما كانت المشقة سبباً للتقصير والإخلال، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يستودع الله من صاحبه إذا ودعه هذه الثلاث: دينك، وأمانتك، وخواتيم عملك.

<<  <  ج: ص:  >  >>