للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرف نفس الإمام مالك]

من أمثلة معرفة قدر النفس وشرفها وصيانتها أنه لما قدم المدينة الخليفة المهدي أقبل الناس عليه مسلمين، فلما أخذوا مجالسهم امتلأت كل الأماكن القريبة من الخليفة، فلما جاء مالك تهامس بعض الحاضرين وقالوا: اليوم يجلس مالك آخر الناس؛ لأنه لا يوجد مكان للإمام مالك بقرب الخليفة.

فلما دنا الإمام مالك ونظر ازدحام الناس وقف وقال: يا أمير المؤمنين! أين يجلس شيخك مالك؟! فناداه المهدي: عندي يا أبا عبد الله.

فتخطى الناس حتى وصل إليه، فرفع المهدي ركبته اليمنى ليوسع المكان وأجلسه بجنبه.

فانظر إلى تصرفه؛ لأنه رمز للدين وللشريعة وللحديث وللفقه وللعلم الشريف، فينبغي أن يصون نفسه.

وبهذه العزة أجاب العالم الضرير المحدث أبو معاوية محمد بن خازم هارون الرشيد، فإن محمد بن خازم لما أراد أن يتوضأ أتى هارون الرشيد وصب عليه الماء، ولم يعرف أنه الخليفة، فبعدما فرغ من الوضوء قال له: أنا هارون الرشيد.

فقال له: إنما أكرمت العلم يا أمير المؤمنين!

<<  <  ج: ص:  >  >>