للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاستعداد لليوم العظيم]

يا من غفل عن ذلك اليوم العظيم! ستراه عياناً {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:٦] {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً * وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً * وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً} [النبأ:١٨ - ٢٠] تذكر ذلك اليوم يا عبد الله، يوم القيامة، {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفّاً لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً} [النبأ:٣٨] {يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً} [النبأ:٤٠].

تذكر يوم القيامة الذي سوف تقف به شاخص البصر، حافي القدم، عاري الجسم {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً * الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ} [الفرقان:٢٥ - ٢٦].

نعم.

الملك يومئذٍ الحق للرحمن، الذي قال وقوله الحق: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر:٦٧].

ثم يأمر الله جلَّ وعلا إسرافيل فينفخ في الصور نفخة الصعق، وهي التي يموت بها الأحياء من أهل السماوات والأرض، -إلا من شاء الله- حتى يكون آخر من يموت ملك الموت، وينفرد إله الأولين والآخرين -الحي الذي لا يموت أبداً- بالديمومة والبقاء، وهو القائل جلت قدرته: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن:٢٦ - ٢٧].

ثم تذكر -يا عبد الله- قول الله جلَّ وعلا: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} [غافر:١٦] ثم يجيب نفسه بنفسه، فيقول جلَّ وعلا: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر:١٦].

ثم يحيي ربنا جلَّ وعلا إسرافيل، ويأمره أن ينفخ في الصور أخرى، نفخة البعث التي قال الله فيها: {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر:٦٨].

تذكر -يا عبد الله- إذا قمت من قبرك، تنفض التراب من رأسك يا عبد الله.

والله لو رسخ الإيمان في قلوبنا لما تجرأنا على هذه المحرمات، ولما عصينا جبار السماوات والأرض، ولما تعدينا الحدود، ولكن لك ميعاد {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} [المعارج:٤٣ - ٤٤].

أسأل الله عزَّ وجلَّ أن يجعلنا من الآمنين يوم الفزع الأكبر {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ} [الشعراء:٨٨] يومٌ قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يُحشر الناس يوم القيامة حُفاة، عراة، غُرْلا قالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله، النساء والرجال جميعاً ينظر بعضهم إلى بعض؟! قال صلى الله عليه وسلم: يا عائشة! الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض}.

فيا عباد الله: استعدوا لذلك اليوم، استعدوا ليوم القيامة، استعدوا ليومٍ يُنفخ في الصور، فتأتون أفواجاً، وتُحضرون بين يدي الله عزَّ وجلَّ.

وصلوا على رسول الله امتثالاً لأمر الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦].

ويقول صلى الله عليه وسلم: {مَن صلى عليَّ صلاةً صلى الله عليه بها عشراً}.

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.

اللهم يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، ردنا إليك رداً كريماً، اللهم ردنا إليك رداً كريماًَ، اللهم اشف مرض قلوبنا، اللهم اشف مرض قلوبنا، اللهم اشف مرض قلوبنا، يا رب العالمين.

اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين أجمعين.

اللهم أصلح ولاة أمورنا، وولاة أمور المسلمين أجمعين، اللهم ارزق ولاة أمور المسلمين جلساء صالحين، وبطانة صالحة، وأبعد عنهم بطانة السوء.

اللهم أصلحنا، وأصلح لنا، وأصلح بنا، واجعلنا هداة مهتدين، اللهم أحينا مسلمين، وتوفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مفتونين، يا رب العالمين.

عباد الله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل:٩٠ - ٩١].

واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.