للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحث على تربية الأبناء]

{الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:٢ - ٤].

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فاتقوا الله حق التقوى قال تعالى: {يا أيُّها الَّذينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:٦].

عباد الله: إن عليكم مسئولية كبرى، وفي أعناقكم أمانة عظمى، ستسألون عنها يوم يبعث الأولين والآخرين.

إن الله سائل كل راع عما استرعاه، ألا وهم أولادكم، وفلذات أكبادكم، فاتقوا الله فيهم، ووجهوهم إلى الأعمال الصالحة، والأخلاق الفاضلة، فإن هؤلاء الأولاد سيكونون في المستقبل رجالاً، فإذا تربوا على طاعة الله عزَّ وجلَّ، وتعودوا الأخلاق الحسنة والفاضلة التي ترفع شأنهم، وتُعلي مقامهم، وحصَّلوا من العلوم النافعة ما ينفعون به أنفسهم، وينفعون به عباد الله، كانوا أساساً مكيناً لنهضة الأمة ورقيها.

وإن اعتادوا سافل الأخلاق وهجروا العلوم الشرعية، وما يعين عليها كانوا ضرراً على أنفسهم وعلى الأمة.

إذاً: فالتربية أمرٌ عظيم، وكبير القيمة، فالطفل أمانة عند والدَيه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة، خالية من كل نقش وصورة، فهو على فطرته التي فطره الله عليها، ينتظر ما يُلقى فيه من خيرٍ وشر، فإن عوّده أبواه الخير، وعلماه العلوم النافعة التي تدله على الدين الإسلامي وتحببه إليه، وترغبه فيه، وفي آدابه قولاً وعملاً واعتقاداً؛ فسوف ينشأ على ذلك، ويسعد في الدنيا والآخرة، ويشاركه في الثواب أبواه، وكل مؤدبٍ ومعلمٍ علمه الخير، أما إذا نشأ في أحضان المربية، وأحضان الخادمة، فسوف ينشأ على عكس ذلك، على الشرور والفساد، فإن الطفل إذا أُهمل وتُرك بلا عناية شقي وهلك، وكان على والديه ما يستحقون من الإثم.

يقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: {كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه، أو ينصِّرانه، أو يمجِّسانه}.

لذلك أجمع العقلاء على أن الإنسان بحاجة إلى التربية، فإنه يولد صغيراً مجرداً عن كل المميزات، قابلاً لكل نقش، مستعداً لكل ما يُلقى إليه من تعليم وتثقيف يُحاط به.

ألا فلنحذر أنفسنا وأولادنا من الثقافة الغربية.

الحذر الحذر من الغزو الفكري، الذي يتسرب عن طريق التمثيليات، والأفلام، والمجلات السافلة الساقطة، والقصص الغرامية التي تثير الغريزة، وتسقط العفاف والشرف، وتقتل النخوة والغيرة والحمية، وتدعو إلى التقليد الأعمى، وإلى الميوعة والانحطاط، كيف لا، وهي مسلَّحة ومعدَّة للقضاء على الأخلاق، والعقيدة، بل للقضاء على الآداب، وعلى الدين لا سمح الله.

أمة الإسلام: عباد الله! الله الله في أولادكم، اتقوا الله في أولادكم، وتذكروا ساعة الوقوف بين يدي الله عزَّ وجلَّ، تذكروا السؤال، تذكروا النقاش بين يدي الله في ذلك اليوم العظيم، يوم أن تنزل الشمس مقدار ميل، ويوم أن يذهب العرق في الأرض سبعين ذراعاً ثم يفيض على الناس، تذكروا ذلك اليوم العظيم الذي سوف تسألون فيه عن أولادكم، وعن نسائكم، فاتقوا الله، وأعدوا للسؤال جواباً.

اللهم اهدنا، اللهم اهدنا جميعاً لما تحبه وترضاه، وجنبنا جميعاً ما تبغضه وتأباه.

اللهم اجعلنا متحابين فيك، متناصحين فيك، إنك على كل شيء قدير.

اللهم طهر قلوبنا من النفاق، وأعمالنا من الرياء، وألسنتنا من الكذب، وأعيننا من الخيانة، إنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

اللهم أصلح نياتنا وذرياتنا، اللهم أصلح نياتنا وذرياتنا.

{رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:٧٤].

{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:٢٠١].

عباد الله: صلوا على رسول الله امتثالاً لأمر الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦].

ويقول صلى الله عليه وسلم: {مَن صلى عليَّ صلاةً صلى الله عليه بها عشراً} اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.

اللهم إنا نسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت، المنان، بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، نسألك بأنا نشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، الأحد، الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفؤاً أحد أن تعز الإسلام والمسلمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين عاجلاً غير آجل، يا رب العالمين!

اللهم أذل الشرك والمشركين، اللهم أذل الشرك والمشركين، اللهم أذل الشرك والمشركين.

اللهم دمر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين اللهم دمر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين.

اللهم اشدد وطأتك عليهم، وارفع عنهم عافيتك ويدك.

اللهم مزقهم كل ممزق.

اللهم إنا نسألك العفو والعافية في ديننا ودنيانا وأهلنا وأموالنا.

اللهم استر عوراتنا، اللهم استر عوراتنا، اللهم استر عوراتنا.

اللهم آمن روعاتنا، اللهم آمن روعاتنا، اللهم آمن روعاتنا.

اللهم احفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا، ومن فوقنا، ونعوذ بعظمتك أن نُغتال من تحتنا.

اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوءٍ فاشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، اللهم قطعه إرْباً إرْباً، اللهم قطعه إرْباً إرْباً، اللهم اجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميراً له يا سميع الدعاء.

{رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [يونس:٨٥ - ٨٦].

عباد الله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل:٩٠ - ٩١].

واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت:٤٥].