للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حال المؤمن والكافر عند خروج الروح]

المؤمن -أيها الإخوة- له أحوال طيبة عند خروج الروح، تتنزل عليه الملائكة بالبشرى، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت:٣٠] فما ظنكم بما يحصل له من البشرى والفرح والسرور إذا قالت له الملائكة ذلك؟ يقول الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [فصلت:٣٠] أي: استقاموا على طاعة الله عز وجل؛ تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا مما أمامكم، فإن الطريق لكم مذللة معبدة، القبر لكم روضة من رياض الجنة، وفسح لكم فيه مد البصر، وفتح لكم منه باب إلى الجنة، ويأتيك العمل الصالح بصورة شاب حسن لا تخافوا مما أمامكم، ولا تحزنوا على ما خلفتم من الأهل والأولاد والأموال {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل:١٢٨] الله سبحانه وتعالى معهم، برعايته وحفظه وعنايته.

وأما الكافر -والعياذ بالله- فإنه عند خروج الروح يقول الله تعالى عنه: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الأنفال:٥٠] هل ظلمهم الله عز وجل؟ لا {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت:٤٦] {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} [هود:١٠١] ثم يقال لهم أثناء ذلك الضرب: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [آل عمران:١٨٢] ثم يقال لنفسه: اخرجي أيتها الروح الخبيثة، اخرجي إلى سخط من الله وغضب، فلا تسأل عن تلك الروح ماذا تعمل بذلك الجسد، فتقول: يا ويلها إلى أين؟ إلى حفرة من حفر النيران، إلى قبر يضمك فتختلف فيه الأضلاع ويفتح فيه باب إلى النار، ويأتيه العمل الخبيث الذي كان يعمله في الحياة الدنيا، يأتيه بأكره صورة وأكره رائحة وأبشع منظر، فيقول: من أنت؟ فيقول: أنا عملك الخبيث، نسأل الله العفو والعافية.