للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مضار مجالسة أهل السوء والفساد]

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه.

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيا عباد الله: احرصوا على مجالسة الصالحين وأهل الخير؛ فإنها تثمر في الدنيا والآخرة.

واحذروا من مجالسة أهل السوء والفساد؛ فإن لها مضار في الدنيا والآخرة، نعم في الآخرة عندما تتقطع الصلات والأنساب، وتتلاشى المَوَدَّات وتذهب، قال الله تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة:١٦٦ - ١٦٧].

نعم.

هكذا يحصل يوم القيامة، يوم الحسرة والندامة، يتبرأ الرؤساء من الأتباع الذين اتبعوهم على الباطل في الدنيا، يتبرأون منهم حينما يرون العذاب، وتنقطع بينهم الروابط، وتزول المودات، وكذلك الأتباع، يتمنون لو أن لهم رجعة إلى الدنيا؛ ليتبرأوا من هؤلاء الذين أضلوهم السبيل، وكما أن الله أراهم شدة العذاب، كذلك يريهم أعمالهم القبيحة ندامات شديدة، وحسرات تتردد في صدورهم كأنها شرر الجحيم، وصدق الله حيث أخبر عنهم: {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا} [الأحزاب:٦٦] وهم يتأسفون على تضييع العمر في المعاصي، وعلى تضييع أوقات الصلاة، فقد عصوا جبار الأرض والسماوات، ثم يا للمصيبة، ويا للأسف على الغيرة التي ذهبت من الكثير من الناس، حتى جلبوا السائقين والخدم والخادمات والمربيات، وأدخلوهم في البيوت، وتركوا لهم الحبل على الغارب مع النساء، فصاروا لهن مثل المحارم، حتى ذهبت الغيرة من بعض الناس، وصاروا لا يبالون بأعراضهم، ولا يحافظون على شرفهم، فتلاشت الأخلاق، وحصل الفساد، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

ومع المعاصي التي هدمت كثيراً من البيوت: إدخال الأفلام الخبيثة، والتمثيليات الهابطة، والأغاني الماجنة إلى البيوت، حتى هوت بالأخلاق والآداب إلى الحضيض، وقتلت الحياء من الذكور والإناث، ومن جراء ذلك حصلت أمور لا نعرفها سابقاً، منها: مغازلة النساء، ومعاكسة النساء، وكثرة التبرج والسفور، وهذا والله أمر يُنذر بوخامة العاقبة إن استمر الحال على ذلك.

مع ما انتشر أيضاً من المخدرات والمسكرات التي هي عار وشنار في الدنيا والآخرة، فكم أزهقت من أرواح بريئة؟! وكم أذهبت من أخلاق وعقول وأهانت أهلها، وأدت بهم إلى الحضيض حتى صاروا من الأرذال؛ بما سببوا على أنفسهم وعلى عقولهم وأعراضهم وشرفهم، وعلى أموالهم بسبب هذه المخدرات والمسكرات! وكم أضاعوا من أُسر! وخسروا من أوقات، وسوف يُسألون عنها يوم القيامة، ولا تسأل عما يحصل لهم عند الموت، إن جاءهم الأجل على غير توبة، وأيضاً إن ماتوا على غير توبة فإن الله توعدهم أن يسقيهم من طينة الخبال، وهي عصارة أهل النار، وكذلك يقول صلى الله عليه وسلم: {كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا، فمات وهو يدمنها لم يشربها في الآخرة} رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

شارب الخمر يتجرع إلى أن يترك الصلاة والصوم ويظلم ويفسق، ويستمر في الغواية، ويُرخي العنان لنفسه في سبيل الغواية، فتكثر ذنوبه، وتقل حسناته.

شارب الخمر ربما يرتكب المحارم؛ لأنه فقد العقل الذي ميزه الله به، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

ثم مع الأسف الشديد ما يحصل في كثير من بلدان الإسلام والمسلمين من أكل الربا، ومن التعامل به، وكذلك أكل الأموال بالباطل، مثل الرشوة، والغش في البيع والشراء والمعاملات، والخداع، والسرقة، ولعب القمار والميسر, وكل ذلك حرام، ثم أتبع بذلك بيع الدخان، إلى غير ذلك من الملاهي وغيرها، ثم إذا ألمَّت بالمسلمين ملمة، ورفعوا أكفهم إلى الله، وإذا بالأكف قد تناولت الحرام، والبطون امتلأت من الحرام، ثم يُقال: أنَّى يُستجاب لذلك؟!

أما إذا رجعنا إلى الله، وتبنا إلى الله، وأكلنا الحلال، فإنا إذا رفعنا أكفنا إلى الله، وتضرعنا إلى الله فإن الله يستجيب الدعاء، ويدفع البلاء، ويقبل الصدقات، ويغفر الزلات.

اللهم إنا نسألك أن تتوب علينا، إنك أنت التواب الرحيم.

اللهم ردنا إليك رداً جميلاً.

عباد الله! أكثروا من الصلاة والسلام على رسول الله امتثالاً لأمر الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦].

ويقول صلى الله عليه وسلم: {مَن صلى عليَّ صلاةً صلى الله عليه بها عشراً}.

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد.

وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك، يا رب العالمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين.

اللهم دمر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين، اللهم يا ودود، يا ذا العرش المجيد، يا فعالاً لما يريد، نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا، يا واحد يا أحد، يا فرد يا صمد، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، يا علي يا عظيم، يا حليم يا عليم، لا إله إلا أنت، ولا رب لنا سواك، اللهم يا حي يا قيوم، يا ذا الإجلال والإكرام، اللهم عليك بالظلمة وأعوان الظلمة، اللهم عليك بالظلمة وأعوان الظلمة اللهم عليك بالظلمة وأعوان الظلمة، اللهم خذهم أخذ عزيز مقتدر فإنهم لا يعجزونك يا رب العالمين، اللهم اشدد عليهم وطأتك، وارفع عنهم يدك وعافيتك، اللهم مزقهم كل ممزق، يا أرحم الراحمين.

اللهم ارحم الشيوخ والأطفال والنساء.

اللهم اشدد وطأتك على الظلمة، وأعوان الظلمة، اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يُرد عن القوم المجرمين.

يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، يا مغيث المستغيثين، يا أرحم الراحمين، يا ناصر المستضعفين، لا إله إلا أنت، ولا رب لنا سواك، لك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعلنا وإياهم هداة مهتدين.

اللهم أرنا وإياهم الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا وإياهم الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

اللهم وفقنا وإياهم لما تحبه وترضاه، وجنبنا وإياهم ما تبغضه وتأباه، اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين أجمعين في مشارق الأرض ومغاربها.

اللهم وحد صفوف المسلمين، واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك من المسلمين، اللهم أيدهم بتأييدك، وانصرهم بنصرك يا أرحم الراحمين.

عباد الله! صلوا على رسول الله.