للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ترك الصلاة]

الحمد لله الذي رضي لنا الإسلام دينا، وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس، وأمرنا بالتمسك بهذا الدين والثبات عليه إلى الممات، وحذرنا من التخلي عنه، فقال سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:٢١٧] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فيا عباد الله! ومن نواقض الإسلام أيضاً ترك الصلاة يا أمة الإسلام! ومن ترك الصلاة جاحداً لوجوبها فهو كافر بإجماع المسلمين، ومن ترك الصلاة وهو يقر بوجوبها لكن تركها من باب الكسل فهذا يؤمر بها، ويدعى إليها فإن أبى أن يصلي واستمر على تركها، فهو كافر على الصحيح من أقوال العلماء، قال الله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة:٥] وقال تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة:١١] فدلت الآيتان على أن من لم يقم الصلاة لا يخلى سبيله، بل يقتل وليس هو من إخواننا؛ لأنه كافر، قال الله عن أهل النار: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر:٤٢ - ٤٣] فأخبر أن من جملة الأسباب التي دخلوا بها النار هو ترك الصلاة، وأخبر أنه لا تنفعه شفاعة الشافعين، فدل على أنهم كفار.

وقال صلى الله عليه وسلم: {العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر} أي: العهد الذي بيننا وبين الكفار الصلاة، فدل الحديث على أن الصلاة هي الفارقة بين الكافر والمسلم، فمن لم يصل فليس بمسلم رضي أم سخط.

وقال صلى الله عليه وسلم: {بين العبد وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة} وهذه نصوص من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، تدل على كفر تارك الصلاة وخروجه من الملة، ولو كان يدعي الإسلام، ولو كان يقيم مع المسلمين.

وقد كثر اليوم ترك الصلاة وعدم المبالاة بها، مع العلم أن تاركها لا حظ له في الإسلام، بل يستتاب فإن تاب وأقام الصلاة وإلا قتل مرتداً لا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يرثه أقاربه، بل يصادر ماله لبيت مال المسلمين، وكذلك يجب أن يفرق بينه وبين زوجته المسلمة؛ لأن المسلمة لا تحل لكافر، قال الله تعالى: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة:١٠].

فلا يجوز أن يزوج من مسلمة، ولا يجوز أن تبقى معه مسلمة في عصمته، والآن ما أكثر الذين في حوزتهم نساء مسلمات وهم لا يعترفون بالصلاة فإنا لله وإنا إليه راجعون.

أيها المسلمون! لو أن حكم الله نفذ في هؤلاء الذين يتركون الصلاة وطهرت منهم بلاد المسلمين، وبيوت المسلمين لارتدع الناس عن هذه الجريمة، ولم يجد هذا المجرم مكاناً له في مجتمع المسلمين، لكن حينما أغلق المسلمون أعينهم عن هؤلاء، وتركوهم يساكنونهم في بيوتهم، ويتزوجون من نسائهم، صارت جريمتهم من الأمور المعتادة التي لا تستنكر، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

اللهم لا تصيبنا باللعنة كما أصابت بني إسرائيل لما سكتوا عن المنكرات ورضوا بها، وقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصيبنا ما أصابهم.