للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحث على اغتنام الأوقات والمسارعة في الخيرات]

فيا عباد الله: اغتنموا الأوقات بصالح الأعمال، ولا تغرنكم الحياة الدنيا، وسارعوا إلى جنة عرضها كعرض السماء والأرض، لا تغرنكم الحياة الدنيا، فإنها دارٌ وصفها الله في كتابه أنها دار غرور، دار متاع قليل، ولعب ولهو وممر وطريق إلى الآخرة، وكما هو الواقع -يا أمة الإسلام- فإن الدنيا دار مملوءة بالأكدار والمصائب والآلام والأحزان، دارٌ ما أضحكت إلا وأبكت، ولا سرت إلا وأساءت، دار نهاية، قوة ساكنها إلى الضعف، ونهاية شبابه إلى الهرم، ونهاية حياته إلى الموت، انظروا إلى أهل الملايين هل يدفن معهم شيء في قبورهم إلا ما قدموه من صالح الأعمال.

عباد الله: سارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماوات والأرض، واتقوا الله جل وعلا، وبادروا بالأعمال الصالحة قبل هجوم هادم اللذات، ومفرق الجماعات قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ} [آل عمران:١٠٢] ما أكثر ما نسمع هذه الآيات في أغلب فرائض الصلوات قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [الحشر:١٨] ما هو ذلك الغد؟! هو يوم القيامة: {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: ١٨] ثم ينهانا جل وعلا: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [الحشر:١٩] ثم فصل جل وعلا كلا الفريقين: {لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} [الحشر:٢٠] فلو أنه ما يأتيك من الفوز إلا أنك تنجو من نار حامية, من نار وقودها الناس والحجارة لكفى.

أمة الإسلام: إن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وعليكم بالجماعة، فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذّ شذ في النار.

عباد الله: إن الله يأمركم أن تصلوا على من هو بأمته رحيم فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلى عليَّ صلاة، صلى الله عليه بها عشراً} ويقول: {أكثروا عليَّ من الصلاة يوم الجمعة وليلتها فإن صلاتكم معروضةٌ عليّ}.

اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا ونبينا وقدوتنا وإمامنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وفي مقدمتهم الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى جميع الأصحاب والآل، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.

اللهم أغث قلوبنا بالإيمان، واجعل آخر كلامنا من الدنيا: لا إله إلا الله.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمّر أعداء الدين المفسدين، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعلنا وإياهم هداةً مهتدين نأمر بالمعروف ونأتيه، وننهى عن المنكر ونجتنبه يا رب العالمين.

اللهم أصلح أولادنا ونساءنا، اللهم أقر أعيننا بصلاح أولادنا ونسائنا، اللهم أقر أعيننا بصلاح أولادنا ونسائنا، واجعلنا وإياهم هداةً مهتدين.

اللهم املأ قلوبنا من محبتك، ومن خشيتك، ومن معرفتك، ومن الأنس بقربك، واملأها حكمةً وعلماً يا رب العالمين.

اللهم إنا نسألك حبك, وحب من يحبك, وحب العمل الذي يقربنا إلى حبك، اللهم طهر قلوبنا من النفاق، وأعمالنا من الرياء، وألسنتنا من الكذب، وعيوننا من الخيانة, إنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

ربنا اغفر لنا ولوالدينا ولوالد والدينا ولجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، نسألك بأنا نشهد أن لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، نسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام! نسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا سقيا رحمة، لا سقيا عذابٍ، ولا هدمٍ، ولا بلاءٍ، ولا غرقٍ، اللهم سقيا نافعةً تحيي بها البلاد وتسقي بها العباد، وتجعلها بلاغاً للحاضر والباد.

اللهم أحي بلدك الميت, اللهم انشر رحمتك على العباد يا من خزائنه ملأى، ويا من يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء.

اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا سقيا رحمة، لا سقيا عذابٍ، ولا هدمٍ، ولا بلاءٍ، ولا غرقٍ.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم صلِّ سلم على نبينا محمد.

عباد الله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل:٩٠ - ٩١] واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.