للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حال أهل الجحيم]

أمة الإسلام: يا من تريدون النجاة من النار! وتزحزحون عنها، وتدخلون الجنة عليكم بالعمل الصالح، الله الله جدوا بالمسابقة إلى طاعة الله، فإن طريق الجنة يسير على من يسره الله عليه، هو الإيمان الصادق بالله، والعمل الصالح، وامتثال الأوامر، واجتناب النواهي، وامتثال الأوامر وتطبيقها، ليس الإشارة بالصدر كما يقول بعض الجهال: التقوى هاهنا، صحيح التقوى هاهنا ولكن كل إناء بما فيه ينضح، إذا كانت التقوى في القلب، وإذا كان القلب فيه تقوى وإيمان، فإن الإيمان ينضح على الجوارح، بالإيمان الصادق، والعمل الصالح، وامتثال الأوامر واجتناب النواهي، والتوبة النصوح من جميع الذنوب في جميع الأوقات، والإنابة إلى الله تعالى في كل وقت وحين، وكثرة ذكره ودعائه واستغفاره حتى تنجوا من مأوى الكفار والمجرمين والمشركين والعصاة والملحدين، فإنهم يخرجون من قبورهم قلقين فزعين مرعوبين خائفين يحملون أوزارهم على ظهورهم، ألا ساء ما يزرون، فيحاسبهم الله على ما أسلفوا من الجرائم، ويخزيهم بين الخلائق، فتسوّد وجوههم، وتخف موازينهم من الحسنات، ويعطون كتب أعمالهم بشمائلهم، ويساقون إلى جهنم جياعاً عطاشاً، قال الله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} [الزمر:٧١] هل ينكرون: {قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ * قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} [الزمر:٧١ - ٧٢] ويقول الله لهم أيضاً بعدما يسألونه بعد حين طويل: {قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون:١٠٨] ففي ذلك الحين يأخذون في الزفير والشهيق، وييأسون من كل خير، ومن كل فرج وراحة، ويتيقنون الخلود الدائم والعذاب الأبدي المستمر.

ما أشد شقاءهم يا عباد الله! وما أعظم عناءهم! ينوع عليهم العذاب، ينوعون بالسعير المحرق لظهورهم وبطونهم {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [النساء:٥٦] وتارةً بالزمهرير الذي بلغ من برده أن يهري اللحوم، ويكسر العظام، وتارةً يعذبون بالعطش والجوع المفزع، ثم يسقون ويطعمون بالغسلين والزقوم والضريع، ومع ذلك لا يسمن ولا يغني من جوع.

بسم الله الرحمن الرحيم.

{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً * تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ * لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ * لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ} [الغاشية:١ - ٧] الفرق البين: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ * لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * لا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً * فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ * فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ * وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ * وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ * وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ} [الغاشية:٨ - ١٦].

اللهم نجنا من النار، وأدخلنا الجنة يا عزيز يا غفار! اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه من صالح الأعمال يا رب العالمين! وجنبنا ما تبغضه وتأباه من سيئ الأعمال يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.