للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المؤمن لا يغتر بالدنيا ولا يأمن مكر الله]

الحمد لله القوي العظيم، الرقيب الشديد، يدبر خلقه كما يشاء بحكمته، فهو الفعال لما يريد، أحسن ما شرع، وأتقن ما صنع فهو الولي الحميد، حد لعباده حدوداً, ونظم لهم تنظيماً، وقال لهم: {وأنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام:١٥٣] فصار الناس على أقسام: فمنهم ظالم لنفسه, ومنهم مقتصد, ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله، وإن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:١٠٢] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وهو الملك القهار فلا ضد له ولا نديد.

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله القائم بأمر الله، الناصح لعباد الله على الرشد والتسديد، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً.

أما بعد:

فيا عباد الله! اتقوا الله عز وجل وافضوا أسماعكم إلى نداء رب العالمين, حيث يقول: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [لقمان:٣٣] ويقول جل وعلا: {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [البقرة:٢٨١] ويقول جل وعلا: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال:٢٥].

أمة الإسلام: لا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور، لا تغرنكم الأموال وكثرتها، ولا تغرنكم الزخارف والأماني الخداعة، ولا يغرنكم رغد العيش ونضارة الدنيا وزهرتها، ولا يغرنكم ما أنعم الله به عليكم من العافية والأمان، ولا يغرنكم إمهاله لكم مع تقصيركم في الواجب وتماديكم بالعصيان، إن اغتراركم بهذا من الأماني الباطلة والآمال الكاذبة {فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف:٩٩].