للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من عرف الله في الرخاء عرفه في الشدة]

اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, أرسله الله بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وتركها على البيضاء ليلها كنهارها، وجاهد في الله حق جهاده، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيا أيها الناس: اتقوا الله عَزَّ وَجَلّ.

عباد الله: لقد سمعتم من آيات الله الكبرى ومخلوقاته العظمى التي تدل على وحدانيته، وعلى قدرته التامة على كل شيء، وأنه وحده لا شريك له في ملكه، ولا ند، ولا ظهير، ولا وزير، ولا صاحبة، ولا ولد, قال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص:١ - ٤] {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد:٣] هو الله جلت قدرته: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام:١٠٣] فيا ويل من أعرض عن الله! ويا ويل من غفل عن الله! ويا ويل من ابتعد عن الله!

الله جل وعلا له ما سكن في الليل والنهار, وهو السميع العليم هو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير هو الله الحي القيوم الذي لا تأخذه سنةٌ ولا نوم.

عباد الله: تعرفوا إلى الله في الرخاء يعرفكم في الشدة، وتقربوا إليه بطاعته فهو الله الذي لا إله هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم هو الله الذي خضعت لعظمته الرقاب، وذلّت لجبروته الصعاب، ولانت بقدرته الشدائد الصلاب رب الأرباب، ومسبب الأسباب.

عباد الله: تعرفوا إلى الله، فهو الذي تعنو له القلوب والوجوه، وتصمد له الخلائق أجمعين كيف يعبد غير الله؟! وكيف يستعان بغير الله؟! وكيف يتوسل بغير الله وذلك كله لله جل وعلا؟! فمن صرف شيئاً من العبادة لغير الله فهو مشرك كافر.

عباد الله: احذروا من البدع، واحذروا من مضلات الفتن، والتزموا عقيدة التوحيد، عقيدة أهل السنة والجماعة، واعلموا علم اليقين أن الله هو مالك الملك، يعز من يشاء ويذل من يشاء، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، هو الذي بيده النفع والضر, وبيده أزمَّة الأمور، فالتجئوا إلى الله عباد الله! يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيءٍ لن ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك} اسمع يا صاحب السراج! اسمع يا من ادخرت الطعام! اسمع يا مسكين! يا من ضعف عنده اليقين! {واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيءٍ لن ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفّت الصحف}.

اللهم اهدنا ووفقنا لما تحبه وترضاه، اللهم إنا نسألك إيماناً دائماً كاملاً يباشر قلوبنا، اللهم إنا نسألك اليقين والعافية.

عباد الله: أكثروا من الصلاة والسلام على رسول الله امتثالاً لأمر الله: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلى عليَّ صلاةً صلى الله عليه بها عشراً}.

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، اللهم أسقنا من حوضه شربة هنيئة مريئة لا نظمأ بعدها أبداً، اللهم لا تحرمنا من شفاعته يا أرحم الراحمين.

اللهم ارض عن خلفائه الراشدين؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.

اللهم تداركنا بواسع رحمتك، واختم بالصالحات أعمالنا يا رب العالمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أذل الشرك والمشركين، اللهم دمر أعداء الإسلام والمسلمين، اللهم اشدد وطأتك عليهم، وارفع عنهم عافيتك ويدك، ومزقهم كل ممزق يا رب العالمين، اللهم انصر الإسلام والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأئمة وولاة أمور المسلمين أجمعين، في مشارق الأرض ومغاربها، اللهم ولِّ على المسلمين الأخيار في مشارق الأرض ومغاربها، يقودونهم قيادة حميدة، ويدلونهم إلى كل خير، ويحذرونهم من كل شر، إنك على كل شيء قدير.

اللهم أصلح أولادنا ونساءنا، واجعلنا وإياهم هداة مهتدين، وأجرنا يا مولانا جميعاً من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم أجرنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، وتوفنا وأنت راض عنا يا كريم، رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ.

اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والربا والزنا واللواط والزلازل والمحن وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن، عنا وعن جميع إخواننا المسلمين، في مشارق الأرض ومغاربها، اللهم اشفِ مرضانا ومرضى جميع المسلمين، اللهم واقض الدين عن المدينين من المسلمين، بلطفك يا كريم.

عباد الله! {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل:٩٠ - ٩١] واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.