للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[منزلة الصلاة في الإسلام وحكم تاركها]

الحمد لله الذي أعز بالإسلام من تمسك به، وأذل وخذل من ابتغى غير الإسلام ديناً، أحمدك اللهم وأشكرك، بنيت هذا الدين على أركان وأسس متينة، ومن أهمها بعد التوحيد الصلاة.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، المبلغ عن ربه دين الإسلام، وما مات حتى أكمل الله به الرسالة، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فيا عباد الله: اتقوا الله حق تقاته، وتمسكوا بأهداف دينكم القويم الحنيف، دينكم دين السماحة والسهولة.

عباد الله: يقول الله جل وعلا: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت:٤٥].

إن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام التي تأخذ بيد المسلم المنقاد لله رب العالمين فتوصله إلى الغاية الحميدة، ويأمن بها من العثرة، ويأمن بها من الفزع في يومٍ لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فيأمن المسلم بهذه الصلاة حين يخاف الناس، ثم هذه الصلاة تكون له برهاناً على إيمانه، وصدقاً على إسلامه، وفي النهاية تكون له الصلاة نجاة من النار، وما ذاك -يا عباد الله- إلا لعظم منزلة الصلاة من الدين القويم؛ لأن الصلاة عمود الإسلام.

أمة الإسلام: الصلاة هي الصلة الوثيقة بين العبد وبين خالقه وموجده جل وعلا، فإذا قطع تلك الصلة ونسي الله وتركها قطع الله عنه عونه ووكله إلى نفسه ونسيه الله، عند ذلك يتولاه الشيطان ويكون من حزب الشيطان، أولئك حزب الشيطان وهم الخاسرون في الدنيا والآخرة.

فإذا تولاه الشيطان تقاذفته المحن، وتسلطت عليه البلايا، وهيهات أن يفلح عبد تخلى عنه رب العالمين، وهيهات أن يفلح عبد تولاه الشيطان الرجيم، وهيهات وهيهات أن يفلح عبد أعرض عنه أرحم الراحمين وتولاه شيطان رجيم مطرود عن رحمة الله.

إنه صار بترك الصلاة كافراً والعياذ بالله، وبرئت منه ذمة الله.

ولقد أكثر الله سبحانه من ذكر الصلاة، وأكثر من ذكرها في القرآن الكريم وعظم شأنها، وأمر بالمحافظة عليها، وأمر بأدائها مع الجماعة في بيوت الله وحذر من التهاون بها والتكاسل عنها، وأن ذلك من صفات المنافقين الذين لا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا يذكرون الله إلا قليلاً، ومآلهم إلى الدرك الأسفل من النار، فهم يصلون ويذكرون الله لكنهم لا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى، ويذكرون الله لكنهم لا يذكرون الله إلا قليلاً وبدون رغبة، فمآلهم إلى الدرك الأسفل من النار.

عباد الله: لقد أمركم الله بالمحافظة على الصلاة في كتابه الكريم، فقال وقوله الحق: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:٢٣٨].

عباد الله: إن الذي يتخلف عن أدائها مع الجماعة بدون عذر شرعي يكون عاصياً لله، مرتكباً كبيرة من كبائر الذنوب، وتوعده الله بويل في جهنم؛ وهو وادٍ لو سيرت فيه جبال الدنيا لذابت من حره، وهذا لمن تهاون بالصلاة.