للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقفة مع آيات الحاقة والواقعة]

اسمعوا إليهم يا عباد الله وهم يقتسمون الشهادات، فمنهم الفرح المسرور، ومنهم المغموم المحزون {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة:١٩ - ٢٤] وهو عملك الصالح الذي قدمته في الدنيا، والذي جاءك في قبرك، وقال: أنا عملك الصالح, أبشر بالذي يسرك، فهو قد بشرك في القبر وجزيت به خيراً يوم القيامة.

أما الآخر الذي قال لعمله الذي جاء في قبره: من أنت، فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر؟ فقال له عمله: أنا عملك الخبيث، فاسمعوا ماذا يقول يوم القيامة قال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ} [الحاقة:٢٥ - ٢٨] أين المليارات والملايين؟! أين العقارات؟! كلها تذهب وتضمحل يوم القيامة {هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} [الحاقة:٢٩] هلك السلطان والجاه، أين الملك؟!

أين الرتبة؟!

أين الوزارة؟!

أين العمارة؟!

كلها ذهبت واضمحلت.

هل تنفع هذه المعاذير أيها الإخوة في الله؟!

والله لا تفيد ولا تنفع، يقول الله عز وجل: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ} [الحاقة:٣٠] تصور هذا الموقف يا عبد الله! إذا أدخلت السلسلة من الفم وأدخلت إلى الدبر، وكبل بها ثم سحبته الزبانية إلى النار، والله إنه موقف عظيم: {ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ} [الحاقة:٣١ - ٣٢] إلى أين؟ إلى جهنم وبئس المصير، قعرها سبعون خريفاً, إنها مواقف تحتاج إلى تفكر.

ثم يتفكر إذا انقسم الناس إلى ثلاثة أقسام من أي قسم هو، هل هو من أصحاب اليمين، أم من السابقين، أم من أصحاب الشمال؟ نسأل الله العفو والعافية، اسمعوا إلى الله عز وجل وهو يقسمهم في هذه السورة، وهذا كله بعد القيامة {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ * خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ * إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجّاً * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثّاً * وَكُنْتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} [الواقعة:١ - ١٢] نسأل الله عز وجل أن يرزقنا التفقه في الدين، وأن يردنا إليه رداً جميلاً.