للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وجوب الحشمة والنهي عن الخضوع بالقول]

ما جاء الإسلام -يا عبد الله- إلا ليخرجك من ظلمات الجهل إلى نور العلم والإسلام؟ وقد أمر ربكم جل وعلا بتحجب النساء في كتابه المبين، وأمر بلزومهن البيوت، وحذر من التبرج والخضوع بالقول للرجال؛ صيانة لهن عن الفساد وتحذيراً لهن من أسباب الفتنة فقال تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب:٣٢ - ٣٣] ففي هذه الآيات البينات ينهى الله جل وعلا نساء النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وهن أمهات المؤمنين، وهن من خيرة النساء وأطهرهن، ينهاهن عن الخضوع بالقول للرجال، وما أدراكم ما هو الخضوع بالقول؟ هو تليين الكلام، لو رأيت المرأة يا أخي عند صاحب المجوهرات، أو رأيتها عند صاحب القماش، أو رأيتها في محل تلك الفتن في تلك الأسواق، وهي تمازح الرجل وتضحك معه وتلين له القول، قول والله لن تقوله لك في فراشك، قول لا تخاطبك أيها الحلال الذي أباح الله مخاطبتك لها ومكالمتك وممازحتك لها، لا تخاطبك بهذا الكلام، إنما تخاطب به صاحب الذهب، والمجوهرات، أو صاحب المعرض الذي من طلوع الشمس حتى الساعة الثامنة والنصف وهو يضرب نفسه كالمرأة بالزينة وغيرها.

وإذا دخل شاب إلى السوق؛ ابتدرت هيئة الأمر بالمعروف وأوقفته عند حده، وإن كان له غرض قالت له: لا تدخل السوق فأنت رجل! إذاً صاحب المجوهرات ليس برجل، وليست له شهوة؟!

صاحب القماش أليست له شهوة؟!

إذاً هذا الشاب الذي أُرجع من أول السوق قال له صاحب هيئة الأمر بالمعروف: ارجع، فإن السوق ممنوع من الرجال.

ثم المرأة تدخل وحدها، يقول: اترك امرأتك تدخل وحدها إلى صاحب المجوهرات وصاحب العطورات وهو يطيبها، ويدخل المجول في يدها وتسمع كلاماً يزلزل عرش الرحمن، ورجلها ينتظرها في السيارة خارج السوق، وصاحب المجوهرات يدخل المجول في يدها، ويقول كلاماً تنأى عنه الفضيلة ويندى عن ذكره الجبين أن يذكر.

الله أكبر يا عباد الله! أين الغيرة؟! أين الحمية على المحارم؟! أين الخوف من رب العالمين؟! أين الحفاظ على هذه الأمانة التي قلدكم الله إياها في أعناقكم؟ ولقد ذكر لي رجل ثقة أنه وجد رجلاً من عمال المعارض يعمل بامرأة الفاحشة في الدكان، أجل كيف لا؟! والدكان له طابق علوي وله ملف خلف الدكان يلوذ به إذا أراد أن يعمل الخبث والفساد؟ وزوجها يقول له صاحب الهيئة: اجلس خارج السوق ولا تدخل مع زوجتك ولا مع أختك فإنه ممنوع دخول الرجال!

الله أكبر -يا عباد الله- ألا نفكر في هذه المصيبة؟ المرأة إذا دخلت السوق هل تجد نساء مثلها؟ تجد صاحب الدكان شاباً وسيماً قد انتخبه صاحب المعرض من أجمل الشبان لماذا؟ حتى يدرج البضاعة، مثل صاحب الدخان وصاحب البقالة يقول: أنا إذا لم أوجد الدخان في البقالة لن يأتي إلي الزبائن، وصاحب المكتبة يقول: إذا لم آت بالمجلات لن يأتي إلي الزبائن.

إنها دسائس شيطانية، وصاحب الخياطة تقف عنده المرأة الساعة والساعتين وهو يخاطبها ويكلمها ويخطط معها التخطيطات، كل ذلك حل بالمسلمين، ولكن المسلمين لا يزالون راقدين سامدين، ماتت الغيرة، دفنوا الغيرة ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فلذلك يا عباد الله في العهد النبوي صلى الله عليه وسلم، في وقت نزول الآيات طرية غضة ينهى الرب جل وعلا نساء الرسول الطاهرات المطهرات عن الخضوع بالقول وتليين الكلام؛ حتى لا يطمع فيهن من في قلبه مرض شهوة الزنا، وكذلك أمر نساء النبي صلى الله عليه وسلم بلزومهن البيوت، ونهاهن عن التبرج تبرج الجاهلية، وما أدراك ما التبرج؟ هو: إظهار الزينة والمحاسن كالرأس والوجه والعنق والصدر والذراعين والساقين ونحو ذلك من الزينة؛ لما في ذلك من الفساد العظيم والفتنة الكبيرة وتحريك قلوب الرجال إلى تعاطي أسباب الزنا، وإذا كان الله عز وجل يحذر أمهات المؤمنين من هذه الأشياء المنكرة مع صلاحهن وإيمانهن وطهارتهن؛ فغيرهن أولى وأولى بالتحذير والإنكار والخوف عليهن من أسباب الفتنة، عصمنا الله وإياكم من مضلات الفتن.