للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السعادة الحقيقية]

كثرت أسماء السعادة، ولكن ما هي السعادة الحقيقية؟ السعادة الحقيقية هي: الفرح إذا قيل له يوم القيامة سعد فلان ابن فلان سعادةً لا يشقى بعدها أبداً، ثم ماذا يقول: {هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة:١٩ - ٢١].

اسمع السعادة يا عبد الله! في قول الله: {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} [الحاقة:٢٢ - ٢٣] {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * لا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً} [الغاشية:١٠ - ١١].

ثم ماذا يقال لهم في دار السعادة؟ {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة:٢٤].

هذه السعادة يا عبد الله، هذه السعادة، سعد فلان بن فلان سعادة لا يشقى بعدها أبداً، على رءوس الخلائق، كل الأولين قد جمعوا في يومٍ واحد، في صعيد واحد، وينادى على اسمك يا عبد الله هذه هي السعادة يا عبد الله، السعادة إذا قيل لهم: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة:٢٤].

فيا لها من سعادة إذا دخلوا {جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [محمد:١٢] {أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} [محمد:١٥] ليس اللبن الذي ببقالة السعادة الآن، لا، هذا يعتريه الحموضة ويعتريه الخراب والفساد وإنما هذا لبن في الجنة، {أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} [محمد:١٥].

وخمر الجنة لا يذهب العقول، ولا يذهب الشرف، ولا يقضي على المروءة والشيمة، لا يحملها على أن يفعل بأمه أو محارمه، خمر الجنة خمر التلذذ والنعيم يا عبد الله قال تعالى: {وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً} [محمد:١٥].

ولهم فيها من جميع الثمرات، يا لها من سعادة عندما يحلون فيها من أساور من ذهب، ويلبسون فيها ثياباً خضراً من سندسٍ واستبرق، فيا لسعادتهم وهم في تلك القصور المبنية بلبنة من ذهب ولبنة من فضة، ولهم فيها حورٌ حسان، اسمع يا عبد الله الحور الحسان نسأل الله الكريم من فضله أن يجعلنا من أهل الجنة إنه على كل شيء قدير، نسأل الله أن يزوجنا من تلك الحور الحسان التي ما عرفت الأسواق ولا تبرجت ولا ظهرت على الشاشة.

أيها الإخوة في الله: والله لو تصورنا تلك الحوراء لما نظرنا إلى نساء الدنيا، ما بالك بامرأة إذا تبسمت أضاء القصر من تبسهما، ما ظنك بزوجة تنظر إلى وجهك في صحن خدها، اللهم إنا نسألك من فضلك الله أكبر! لكن ما وضعت المكياج ولا الحاموراء تفتن الناس في الأسواق، لا.

{حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} [الرحمن:٧٢] اللهم إنا نسألك من فضلك، المهر موجود في هذه الحياة الدنيا، لا يوجد أحد يقول: المهر صعب، في أمريكا في الاتحاد السوفيتي من أين نستورد وليس عندنا مال، لا.

مهرها العمل الصالح بعد أن يرضى الله عليك ويدخلك الجنة برحمته إنه أرحم الراحمين.

عند ذلك تتكئ مع تلك الزوجة على الأريكة سبعين عاماً وأنت سعيد، الله أكبر اللهم إنا نسألك من فضلك، ومع ذلك {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} [الرحمن:٥٦] ومع ذلك لا تحيض، ولا يصيبها النفاس، ولا تمتخط ولا تبول، ولا يخرج منها غائط، نظيفة طاهرة عفيفة، إذا قمت منها عادت بكراً، ومع ذلك لا تحتاج إلى مقوي من الصيدلية، قد أعطاك الله قوة مائة رجل في الأكل والشرب والجماع، لكن احفظ هذه القوة يا عبد الله، احفظها بطاعة الله حتى تتمكن من ذلك النعيم الذي لا يزول ولا يحول، أما الذين يذهبون الطيبات في حياتهم الدنيا، فلا تسأل عنهم في أي وادٍ يهلكون.

أيها الإخوة في الله: من السعادة الأبدية أن تكون بجوار رب العالمين في تلك الجنة، ما تسمع أخبار الحرب القنبلة الذرية التي يفجرونها في اليوم كذا، الصاروخ الذي يوجهونه إلى كذا، أبداً آمن في جنات النعيم في جوار أرحم الراحمين.

أيها الإخوة في الله: البدار البدار إلى ذلك النعيم إلى تلك اللذة في جوار أرحم الراحمين.

ثم أنت بصحبة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، في تلك الجنة التي فيها مالا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر.

عبد الله تسمّع في دار السعادة إذا قيل هلموا إلى زيارة رب العالمين، ووضعت المنابر والكراسي، وجلست أدناهم وما فيهم دني؛ على كثبان المسك، فيا لها من فرحة وسرور إذا خاطبهم رب العزة والجلال في ذلك الوادي الأفيح! ثم يا لها من الفرحة والسرور إذا قيل لهم: يا أهل الجنة خلودٌ فلا موت؛ فإنها والله ثم والله هي السعادة، وليست السعادة كما يزعم البعض من الناس أنها بجمع الأموال، وبعضهم يراها في صحة البدن والأمن والاستقرار، وبعضهم يرى أن السعادة تكون في المساكن الواسعة، والمآكل اللذيذة، والزوجة الحسناء، وكل ذلك لا يمنع من التمتع بها إذا كانت حلالاً طيباً، ثم إذا استعان بها على طاعة الله.