للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حال بعض الناس مع إنكار المنكرات]

مع الأسف الشديد: انظر الآن إلى أحوال الكثير من الناس -اللهم ردنا إليك رداً جميلاً، اللهم ردناً إليك رداً جميلاً- تجد بعضهم الآن في غفلة وإعراض، الزوجة تذهب مع سيارة الأجرة، ولا يدري أين تذهب، أو ربما أتى لها بسائق وربطه عند البيت، وقال لهذا السائق: افعل ما تشاء، فيذهب بالزوجة والبنات إلى الأسواق، وإلى المدارس، وإلى المستشفيات، والرجل أين هو؟

الرجل مشغول بدنياه، وهل هذا يُعذر بين يدي الله عزَّ وجل؟ لا.

والله لا يُعذر؛ لأنه عصى الله، وعصى رسوله صلى الله عليه وسلم.

أولاً: أن الله جل وعلا قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} [التحريم:٦] فترك هذا الرجل هذه الآية، وضرب بهذا القول عرض الحائط.

ثانياً: اسمع حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: {لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم} فقال: هذا السائق أجْوَدِي، مُتَخَيَّر من تلك البلاد البعيدة، هذا وجه إنسان مِحْذاق، الله أكبر! أمَخْصِيٌّ هو يا مسكين؟ لا.

وأيضاً له شهوة أشد منك؛ لأنك أنت بين أهلك وأولادك، أما هو فله ثلاث سنوات أو سنتين وهو بعيد عن أهله، أين تذهب هذه الشهوة يا مسكين؟ ولكن قل بين يدي الله عزَّ وجلَّ: هذا والله أجْوَدِي، ابن حلال، مُتَخَيَّر من تلك البلاد.

الله أكبر! لماذا ما قال أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والصحابة أجمعين، لماذا لم يقولوا هذا الكلام بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم؟

الرسول يخاطب الصحابة، أبر الأمة قلوباً وأزكاها، وأكثرها علماً رضي الله عنهم وأرضاهم يخاطبهم الرسول ويتحدث بين أيديهم ويقول: {لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم}.

ويقول: {لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم}.

ويقول صلى الله عليه وسلم: {ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما}.

فبعض الناس ضرب بأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم عرض الحائط، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

علامَ يدل هذا يا عباد الله؟ هذا يدل على أن الناس انهمكوا في حب الدنيا، وهذا الذي حذر منه الرسول صلى الله عليه وسلم يوم أن قال: {ما الفقر أخشى عليكم} ولكن خشي علينا صلى الله عليه وسلم مما يُفتح علينا من زهرة الحياة الدنيا، فننهمك في الدنيا، ونغفل عن أنفسنا، وعن أهلنا، وعن أولادنا، حتى إن البعض من الناس لحبه للدنيا صار يبارز الله بالمحاربة، ولا يبالي والعياذ بالله.

فمتى نستيقظ يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟

إذا حُملنا إلى القبور؟ أم إذا صفَّت علينا اللبنات؟

متى نستيقظ يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟ إذا وقفنا للعرض على جبار الأرض والسماوات؟

متى نستيقظ يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟ اللهم ردنا إليك رداً جميلاً، اللهم ردنا إليك رداً جميلاً.

إخواني في الله: المسئولية عظيمة بين يدي الله عزَّ وجلَّ.

وأيضاً: أكرر وأقول: اسمع إلى حديث الرسول، مرة ثانية وثالثة ورابعة، لعل شجرة الإيمان أن تنمو في قلبك وتعظم شعائر الله، يقول صلى الله عليه وسلم: {كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته}.

ثم أيضاً: أقول لك مرة أخرى: تذكر من الذي سوف يلقي السؤال، ومتى يكون السؤال؟

أما الذي سوف يلقي عليك

السؤال

فهو الله جل جلاله.

ووقت

السؤال

هو يوم القيامة.

قال الله تعالى: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:٨٨ - ٨٩].