للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الدنيا دار بلاء وامتحان]

بسم الله الرحمن الرحيم

{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الملك:١ - ٢] ويقول أيضاً:

بسم الله الرحمن الرحيم

{الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت:١ - ٢] ما خلقت في هذه الحياة -يا عبد الله- إلا للابتلاء والامتحان، انظر إلى من قبلك من الأمم الذين ابتلاهم الله أما قرأت سورة البروج ثم رجعت إلى تفسيرها؟ تجد فيها حديثاً صحيحاً متفقاً على صحته، وفيه أنه كان للملك ساحر، وكان هذا الساحر قد كبر، فقال الساحر للملك: إنه قد كبر سني، وأريدك أن تبعث إليَّ غلاماً أعلمه السحر -وقصة الغلام طويلة- ولكنَّ الله جل وعلا أظهر هذا الغلام بقوة إيمانه حتى إن الملك بعثه مع رهط ليصعدوا به الجبل، فإذا وصلوا ذروة الجبل يلقوه منها، ماذا قال هذا الغلام؟ قال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فسقطوا من الجبل، وجاء يمشي إلى الملك، قال: أين أصحابك؟ قال: كفانيهم الله تعالى.

ثم بعثه في قرقورة -سفينة صغيرة- مع جماعة أخرى، وقال لهم: إذا توسطتم البحر، فاقذفوه فيه، فلما توسطوا البحر وأرادوا أن يقذفوه، قال: اللهم اكفنيهم بما شئت، هذا الاتصال بالله عز وجل، لا يحتاج إلى مقدمات، ولا إلى واسطات، الله سبحانه وتعالى قريب، يقول الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة:١٨٦].

فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فانقلبت بهم السفينة وجاء يمشي إلى الملك، قال: أين أصحابك؟ قال: كفانيهم الله تعالى، فهذه قوة الإيمان يا عباد الله!

ثم يؤتى بأناس آخرين قد آمنوا، فيقال لهم: ارجعوا عن دينكم وإلا فعلنا بكم كذا وكذا، فلم يرجعوا، ويوضع المنشار على مفرق رأس الواحد فيشق نصفين وما يرده ذلك عن دينه.

أما بعض الشباب -هدانا الله وإياهم لطاعته، ووفقنا الله وإياهم لما يحبه ويرضاه- لم يعلموا إلى الآن أنهم وجدوا في هذه الحياة الدنيا للابتلاء والامتحان، بمجرد ما يقول له الزميل أنت موسوس، أو مجنون، أو متزمت، يعمد إلى هذه اللحية التي كرمه الله بها، ثم يحلقها نعوذ بالله من الانتكاسة.

وهكذا ما يحدث من بعض النساء هدانا الله وإياهن لما يحبه ويرضاه، وأسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين أجمعين ذكوراً وإناثاً إنه على كل شيءٍ قدير.