للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سبب خلق الله للعباد]

نحن الآن في زمن الإمكان، في دار المزرعة في هذه الدنيا, والله سبحانه وتعالى خلقنا لأمر عظيم، خلقنا لعبادته, قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات:٥٦ - ٥٨] خلقنا في هذه الدنيا لنعمل الصالحات، ثم وُكِل بنا ملائكةٌ كرام عن اليمين وعن الشمال قعيد قال تعالى: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:١٧ - ١٨] هذا يكتب الحسنات وهذا يكتب السيئات, ثم إذا متنا وانتهينا من هذه الدنيا ووضعنا في القبور؛ ففريق في روضة من رياض الجنة, وفريق في حفرة من حفر النار, هؤلاء ينعمون في تلك الحفرة، وهؤلاء يعذبون.

ثم إذا أراد الله لهذا العالَم انتهاءً كلياً أمر إسرافيل عليه السلام أن ينفخ نفخة الصعق؛ فيموت من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله، قال تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن:٢٧] ثم يموت ملك الموت الذي وُكِل بقبض الأرواح يموت ولم يبق إلا الله, ثم ينادي رب العزة والجلال: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ} [غافر:١٦] ذهبت الملوك والوزراء والأمراء والرؤساء: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ} [غافر:١٦] ثم يجيب نفسه بنفسه: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر:١٦] ثم يأمر إسرافيل عليه السلام فينفخ في الصور، فتخرج منه الأرواح تتوهج وتذهب إلى أهلها، ليبعث الله من في القبور قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ} [يس:٥١] ثم قمنا ننفض التراب عن رءوسنا, لا إله إلا الله: {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} [المؤمنون:١١٢ - ١١٣] أين آلاف السنين التي مضت عليكم؟ {قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فاسْأَلِ الْعَادِّينَ} [المؤمنون:١١٣] ثم يقول الله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ} [المؤمنون:١١٥ - ١١٦] تعالى الله أن يخلق الخلق عبثاً.