للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إبعاد المبدلين والمغيرين لسنة النبي صلى الله عليه وسلم عن الحوض]

فإذا وردوا الحوض على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرادوا أن يشربوا منه تذودهم الملائكة وتطردهم عن الحوض, فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أمتي أمتي فيقال: إنك لا تدري ماذا أحدثوا بعدك} ماذا حدث بعد الرسول صلى الله عليه وسلم؟ الآن أمور تساهل بها الكثير من الناس، وهي لعب الورق التي يسمونها البلوت والكنكان والدمنة وغيرها من الملهيات؛ التي قضت على الأوقات وقضت على الأعمال, وامتلأت صحائف الأعمال من هذه الأعمال الخبيثة، وتركوا ملك الحسنات يضع يداً على يد, وقد ذكر لنا أن بعض الشباب جلسوا يلعبون الورقة من صلاة العشاء، ولما خرج أحدهم يبول -أكرمكم الله- وإذا بالشمس قد طلعت طوال الليل وهم يلعبون الورقة! فما ظنكم بهم يا عباد الله؟ وماذا فوتوا؟

إنهم قد تعدوا الحدود التي رسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقد كان صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها, وهؤلاء عصوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويا ليتهم في حديث من حديث الآخرة، ولكنه على لعب البلوت والكنكان وغيرها من الملهيات, فهذا يشتم هذا وهذا يشتم والد هذا واستمروا في لعبهم حتى ذهبت الساعة الأولى والثانية والثالثة والرابعة, وينزل رب العزة والجلال إلى السماء الدنيا ويقول: هل من داعي فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ وهؤلاء مصرون على لهوهم.

ومضت الساعة الخامسة ومضت راتبة الفجر، ركعتا الفجر التي هي خير من الدنيا، وهم في لهوهم, وقضيت صلاة الفجر وقرآن الفجر {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً} [الإسراء:٧٨] وارتفعت الملائكة الذين يتعاقبون فينا, وعندما يسألهم الله عز وجل: كيف تركتم عبادي؟ وهو أعلم بهم فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون، ولكن أولئك البؤساء جالسون على البلوت والكنكان وعلى أفلام الفيديو, فليس لهم نصيب من هذا الخير, ثم تطلع الشمس وقد ارتكبوا كثيراً من المنهيات والعياذ بالله إنها مصيبة عظمى يا عباد الله! والبعض من الناس يقول: أين نقضي أوقاتنا؟ لابد أن نغتاب أو نستمع الأغاني، أو نقضي الأوقات في الملهيات!! يا عبد الله! ما خلقت لهذا، قال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون:١١٥] يقال له: نم مبكراً, فيقول: لا يأتيني النوم, لماذا؟ لأنه اعتاد على هذه الملهيات, ويقول: أريد أن أتوب إلى الله عز وجل فماذا أصنع؟ إذا أردت أن تنام فنم مبكراً وتوضأ وضوء الصلاة، وقل أدعية النوم التي أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم, واقرأ آية الكرسي والمعوذات وقل هو الله أحد ثلاث مرات، وامسح بها سائر جسدك, ثم نم على بركة الله, فإن لم يأتك النوم فاذكر الله, وسبح الله واحمد الله، وكبر الله, فإن لم يأتك النوم فانهض وقل: يريد الله بي خيراً، فخذ كتاب الله واقرأ القرآن, فأنت مسئول عن وقتك وعمرك.

وكيف يقول المسلم: أين نقضي أوقاتنا؟! المسلم لا يسأل هذا السؤال أبداً, المسلم يكون شغله دائماً في ذكر الله عز وجل, أما سمعت الله يقول: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران:١٩١] هؤلاء هم عباد الله، وهؤلاء هم أولوا الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتكفرون في خلق السماوات والأرض, لا يتفكرون في وجوه المومسات, ولا يتفكرون في الأفلام الخبيثة الخليعة التي ملأت بعض قلوب الناس، نسأل الله العفو والعافية!

فالمسلم مسئول عن وقته, ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم: {لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسئل عن أربع: عن عمره فيما أفناه} أين أفنيت هذا العمر يا مسكين؟ أنت مسئول انتبه يا غافل! انتبه لا ينزل بك هادم اللذات وأنت على غفلاتك.

هذه الأمور التي ذكرتها لكم قد اقترفها كثير من الناس، فيخشى عليهم يوم القيامة إذا وردوا على حوض محمد صلى الله عليه وسلم, أن يردوا ويذادوا عنه؛ لأنهم خالفوا هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم, أسأل الله أن يجعلنا على حوض نبينا من الواردين.