للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حال الفاروق مع القرآن]

أخي في الله! من أحوال السلف مع القرآن: هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي أخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: {دخلت الجنة -أو أتيت الجنة- فأبصرت قصراً فقلت لمن هذا؟ قالوا: لـ عمر بن الخطاب، فأردت أن أدخله، فلم يمنعني إلا علمي بغيرتك، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي يا نبي الله! أومنك أغار؟!!} وفي رواية: {بكى عمر رضي الله عنه وأرضاه} الرسول صلى الله عليه وسلم هاله قصر في الجنة، يقول صلى الله عليه وسلم لـ عمر: {والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غير فجك}

عمر بن الخطاب رضي الله عنه أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، ومع ذلك كان من أكثر الناس خشوعاً، وكان من أرق الناس قلباً، وكان يدعو ربه، ويقول: [[اللهم إني قاسٍ فليني]] وكان في وجهه خطان أسودان من البكاء رضي الله عنه وأرضاه، كان يقرأ في صلاة الفجر، قرأ مرة في صلاة الفجر رضي الله عنه وأرضاه سورة يوسف فلما وصل إلى قوله تعالى: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف:٨٦] لما وصل هذه الآية خنقته العبرة وأخذ يبكي بكاء شديداً، وما استطاع أن يقرأ شيئاً بعد ذلك، وكان عمر يمر بالآية من ورده فتخنقه العبرة فيبكي حتى يسقط على الأرض.

وفي مرة من المرات سمع قارئاً يقرأ قول الله جل وعلا: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ} [الطور:٧ - ٨] فجعل يبكي رضي الله عنه حتى جعل الناس يعودونه شهراً كاملاً من جراء هذه الآية، إنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، هذه أحوالهم مع القرآن حتى وهو في آخر حياته، بعدما طعن وهو في النزع وقد أوشك على الموت يقول لابنه عبد الله وقد وضع رأسه على فخذه: ضع خدي على الأرض -لا إله إلا الله، الله أكبر- فقال: يا أبتي! وهل فخذي والأرض إلا سواء، فقال: ضع رأسي على الأرض، كما أمرتك، فوضعه فمسح خديه بالتراب، ثم قال: [[ويل لأم عمر إن لم يغفر الله لـ عمر ثم قال رضي الله عنه وأرضاه: إذا قبضت فأسرعوا بي إلى حفرتي فإنما هو خير تقدموني إليه، أو شر تضعونه عن رقابكم]] هذا عمر يقول هذا، وهو من المبشرين بالجنة رضي الله عنه وأرضاه.

هذه هي أحوال سلفنا مع القرآن يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم! وما الذي جعلهم في هذه الحال إلا فعل القرآن في قلوبهم يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم!