للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل قيام الليل]

أيها الإخوة في الله! وهنالك صلاة حثَّ عليها ربنا -جل جلاله- في كتابه العزيز، وحثَّ عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا وهي صلاة الليل.

الله أكبر! يقول بعض السلف:

من يرد ملك الجنان فليدع عنه التوانِ

وليقم في ظلمة الليـ ل إلى نور القران

وليصل صوماً بصومٍ إن هذا العيش فان

إنما العيش جوار الله في دار الأمان

نسأل الله من فضله الجنة.

يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم! صلاة الليل قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل} والله سبحانه وتعالى وقد مدح أهل قيام الليل، فقال جل جلاله: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة:١٦] اسمع الفرق -يا عبد الله- بين الذين يُتابعون المسلسلات، وبين أهل البلوت أهل الشتمات والطلقات والتحريم والصيحات طوال الليل، وبين هؤلاء: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} [السجدة:١٦] الله أكبر!

وقد مدحهم الله -سبحانه وتعالى- في سورة أخرى، فقال تعالى: {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات:١٧] ولهم -أيضاً- حالةٌ أخرى إذا انتهوا من التهجد: {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات:١٨] إذا انتهوا من التهجد جلسوا يستغفرون الله تعالى، الله أكبر!

أما في السورة الأولى التي ذكر الله فيها (تتجافى جنوبهم) إذا كانت هذه صفاتهم فبماذا وعدهم؟ أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي الذي يرويه عن ربه -سبحانه وتعالى- قال: {قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ثم قال: اقرءوا إن شئتم: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة:١٧]}.

وماذا كانوا يعملون؟ {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة:١٦].

أما في السورة الأخرى -في سورة الذاريات- فقال الله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الذاريات:١٥] ماذا كانوا يعملون؟ {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات:١٧ - ١٨] فأهل الليل لهم شأن عظيم، فهم أهل القرآن الذين يُراوحون بين الجباه والركب سجداً وركعاً لله، يُرتلون آيات القرآن، وقد أخذوا بحظٍ وافر من هذا الوعد الذي أخبر به رسول صلى الله عليه وسلم، الصادق المصدوق، الذي لا ينطق عن الهوى، فقال: {إذا بقي ثلث الليل الآخر ينزل سبحانه وبحمده إلى السماء الدنيا -نزولاً يليق بجلاله وعظمته- فيقول: هل من سائلٍ فأُعطيه سؤله؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفرٍ فاغفر له}.

إخواني في الله! الله الله لا تفوتكم تلك الساعة المباركة التي ينزل فيها ربنا -جل وعلا- إلى السماء الدنيا نزولاً يليق بجلاله وعظمته.

ولقد أخبر صلى الله عليه وسلم: {أن في الليل ساعة لا يوافقها عبدٌ مؤمن يسأل الله إلا أعطاه الله من خيري الدنيا والآخرة} أو كما قال صلى الله عليه وسلم.