للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صفة أنهار الجنة وحللها]

ومن نعيم الجنة أيضاً نعيم آخر في الجنة، وهو الأنهار التي تجري من دون أخدود، وفيها اللذة والنعيم، اسمعوا إلى وصفها في كتاب الله عز وجل: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} [محمد:١٥] اسمع يا عبد الله! حرك الهمة إن كنت تريد الدار العامرة وما فيها، فإن فيها أنهاراً، اسمع إلى هذه الأنهار يصفها الجبار جل وعلا: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} [محمد:١٥] مسكين الذي أضاع عقله بالمسكرات الدنيوية، مسكين الذي أضاع عقله بالمخدرات وأصبح بمنزلة المجانين والحيوانات، لقد أضاع نصيبه من هذا الخمر {وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} [محمد:١٥].

ثم لهم في الجنة حلل وملابس وذلك من كمال النعيم في الجنة، اسمعوا إلى المولى جل وعلا يصف لنا تلك الحلل وتلك الملابس: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً} [الكهف:٣٠] اسمع يا عبد الله! إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات هم الذين يحوزون على هذا النعيم، ما لهم؟: {أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً} [الكهف:٣١] تصور إلى ولي الله وهو متكئ على الأريكة، وفي جواره تلك الزوجة الحسناء، وهو بين تلك الأنهار الأربعة، وعند الثمار اليانعة.

ثم يلفت نظرك القرآن الكريم يا من تؤمن بالله ورسوله وبما جاء عن الله وعن رسوله، يلفت نظرك القرآن إلى نعيم آخر فيقول الله جل وعلا مخبراً عن أهل الجنة وما هم فيه من النعيم المقيم الذي لا يزول ولا يحول: {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً * وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً * وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ * قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً * وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً * عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنثُوراً} [الإنسان:١٢ - ١٩] اسمع يا من تحب ساعات المجالس والأماكن: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً * عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً} [الإنسان:٢٠ - ٢١].

ثم لهم مكان يستريحون فيه في الجنة، يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول: {إن في الجنة شجرة يسير فيها الراكب الجواد المضمر مائة عام ما يقطعها} شجرة لأهل الجنة يستريحون تحتها، ويلتقون تحتها، ويجتمعون تحتها، نعم إنها في الجنة التي قال الله عنها: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة:٣٠].

ثم إن في الجنة سوقاً لا بيع فيها ولا شراء، يأتونه كل جمعة وتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وفي ثيابهم؛ فيزدادون حسناً وجمالاً، ويرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسناً وجمالاً، ويقول لهم أهلوهم: والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً كما يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.