للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[خطر اللسان]

الحمد لله رب العالمين أحاط بكل شيء علماً, فلا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء, هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء, أحمده وأستعينه وأستهديه وأستغفره وأتوب إليه, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين, وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

أيها الناس! اتقوا الله عز وجل, فاجعلوا بينكم وبين عذاب الله وقاية بالحذر من معاصيه ومعصية رسوله صلى الله عليه وسلم, واعلموا أن عليكم رقيبا ًعليماً, عليماً بكم لا تخفى عليه منكم خافية, ووكّل بكم حفظة قال الله جل وعلا: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [قّ:١٦ - ١٨] ويقول جل وعلا: {كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار:١١ - ١٢].

أيها المسلمون! أيها المؤمنون حقاً! أيها المؤمنون بالله وبرسوله وبكتبه وباليوم الآخر! اعلموا واعملوا, فهذا معاذ بن جبل رضي الله عنه, يسأل نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم ويقول: {أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار؟ قال صلى الله عليه وسلم: لقد سألت عن عظيم, وإنه ليسير على من يسره الله عليه, تعبد الله لا تشرك به شيئاًَ, وتقيم الصلاة, وتؤتي الزكاة, وتصوم رمضان, وتحج البيت، ثم قال صلى الله عليه وسلم: ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطايا كما يطفئ الماء النار -أي: تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار- وصلاة الرجل في جوف الليل ثم تلى قول الحق جل وعلا: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة:١٦]} فما جزاؤهم؟

لا يعلم جزاءهم إلا الله حيث قال سبحانه: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة:١٧].

ثم يستهل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الوصية لـ معاذ ويقول: {ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله} ثم قال صلى الله عليه وسلم: {ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت: بلى يا رسول الله, فأخذ بلسانه وقال: كُفَّ عليك هذا} , يقول معاذ رضي الله عنه: قلت: يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: {ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم -أو قال: على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم}.

أمة الإسلام: شاهدنا من هذا الحديث هو قوله صلى الله عليه وسلم: {وهل يكب الناس في النار على وجوههم -أو قال على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم}.

أمة الإسلام: هذا توجيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لـ معاذ فحسب؛ بل لكل فرد من الأمة الإسلامية, إذ يرسم فيه الرسول الله صلى الله عليه وسلم طريق السلامة في الحياتين, ويرشد به إلى الفلاح والسعادة في الدارين (كف عليك هذا) ويشير إلى لسانه صلى الله عليه وسلم.