للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وجوب حفظ اللسان]

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاًَ فيه كما يحب ربنا ويرضاه, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, أدى الرسالة وبلغ البلاغ المبين، ونصح لأمته صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وسلم تسليماً كثيراً, أما بعد:

فيا عباد الله! اتقوا الله عز وجل واحفظوا اللسان من عثراته وزلاته, ورد في الحديث المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان -أي: تذل وتخضع له- وتقول: اتق الله فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا} تلكم الجوارح لها خصومة مع اللسان؛ فاحفظوه يا عباد الله فإنه يوقع في المهالك, ولقد حذره من هو خير منكم, فهذا عمر رضي الله عنه يدخل على أبي بكر الصديق رضي الله عنه يوماً وهو يجذب لسانه بيده فقال له عمر رضي الله عنه: [[مه! يغفر الله لك, فقال أبو بكر: إن هذا أوردني الموارد]] فأين أنتم من أبي بكر يا معشر المسلمين؟ أين أنتم من خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أين أنتم من رجل لو وزن إيمانه بإيمان هذه الأمة لرجح إيمانه بإيمان هذه الأمة, أين أنتم من رجل يخير من أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء, ثم هو يمسك بلسانه ويقول: هذا الذي أوردني الموارد.

فاتقوا الله يا عباد الله! واستخدموا اللسان فيما يعود عليكم نفعه في الدنيا والآخرة, كذكر الله عز وجل, وقراءة القرآن, والصلاة على رسول الله, وبذل النصيحة, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وغير ذلك من أبواب الخير, وألزموه الصمت امتثالاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت}.

وصلوا على الناصح الأمين امتثالاً لأمر رب العالمين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً} اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد, وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين أبو بكر وعمر وعثمان وعلي , وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى الدين, وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين, وأذل الشرك والمشركين, اللهم دمّر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين, اللهم اشدد وطأتك عليهم, وارفع عنهم يدك وعافيتك, اللهم مزقهم كل ممزق يا حي يا قيوم, يا ذا الجلال والإكرام, اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا, اللهم ارزقهم الجلساء الصالحين الناصحين, اللهم قيض لهم البطانة الصالحة التي تدلهم على الخير وتعينهم عليه, وتحذرهم من الشر وتبعدهم عنه, إنك على كل شيء قدير.

اللهم ولِّ على المسلمين الأخيار في مشارق الأرض ومغاربها, اللهم لا تول عليهم الأشرار الذين يسومونهم سوء العذاب, لك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث، وعليك التكلان, ولا حول ولا قوة إلا بك.

اللهم أقر أعيينا بصلاح أولادنا ونسائنا, اللهم اجعلنا وإياهم هداة مهتدين, اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد؛ أنت الغني ونحن الفقراء, أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين, اللهم اسقنا سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا بلاء ولا غرق.

اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا, ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين, إلهنا من لنا سواك نلتجئ إليه, من لنا غيرك نستغيث به, من رب غيرك نطرق أبوابه, لا إله إلا الله عدد ما مشى فوق الأراضين ودرج, وسبحان الذي بيده مفاتيح الفرج, يا فرجنا إذا غلقت الأبواب, ويا رجائنا إذا انقطعت الأسباب, لا إله إلا أنت سبحانك ولا رب لنا سواك.

اللهم انشر رحمتك على العباد يا من له الدنيا والآخرة وإليه المآب, تبنا إليك، رجعنا إليك, اللهم اقبل معذرتنا, اللهم اقبل توبتنا, اللهم محص ذنوبنا, اللهم سل سخائم صدورنا، اللهم اجعلنا هداة مهتدين, غير ضالين ولا مضلين, ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

وصلوا على رسول الله وسلموا تسليماً كثيراً.