للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإصلاح وظيفة المرسلين]

إن الإصلاح وظيفة المرسلين -عليهم من الله أفضل الصلاة والتسليم- ولا يقوم بهذه الوظيفة إلا أولئك الذين أطاعوا ربهم، وشرفت نفوسهم، وصفت أرواحهم، يقومون به لأنهم يحبون الخير والهدوء، ويكرهون الشر حتى عند غيرهم من الناس.

ولو تتبعنا الحوادث، وراجعنا الوقائع، لوجدنا أن ما بالمحاكم من قضايا، وما بالمراكز من خصومات، وما بالمستشفيات من مرضى، وما بالسجون من بؤساء لوجدنا أن هذا كله يرجع إلى إهمال الصلح بين الناس, حتى عمّ الشر القريب والبعيد، وأهلك النفوس والأموال، وقضى على الأواصر، وقطع ما أمر الله به أن يوصل من وشائج الرحم، وذهب بريح الجماعة، وبعث على الفساد في الأرض، ومن تأمل ما عليه الكثير من الناس اليوم، رأى أن كثيراً منهم قد فشت في قلوبهم، ونمت في طويتهم حب الشر -والعياذ بالله- والميل إليه، والعمل على نشر الشر بين الناس، من أجل ذلك يتركون المتخاصمين في غضبهم وشتائمهم حتى يستفحل الأمر، ويشتد الشر، ويستحكم الخصام بينهم، فيحصل الكلام والقذف والطعن بالكلام, حتى يتدرج الأمر إلى حمل السلاح -والعياذ بالله من مضلات الفتن- كل هذا يحصل وأهل الشر المشجعون لهذه الفتن يتفرجون، ويتغامزون، ويتتبعون الحوادث، ويلتقطون الأخبار، ثم تكون النتيجة سيئة، وقد يكفي لإزالة ما في النفوس من الأضغان والأحقاد والكراهية كلمة واحدة من عاقل لبيب ناصح مخلص لله ولرسوله يقوم بواجبه نحو هذه الرسالة, ألا وهي: الإصلاح بين الناس, حتى تقضي على الخصومات في مهدها، فيتغلب جانب الخير، ويرتفع الشر، وتسلم الجماعة من التصدع.

اللهم اجعلنا هداةً مهتدين، اللهم اجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.