للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تأخير الزواج بحجة الدراسة]

السؤال

ما رأيك فيمن يقول: لا أتزوج حتى أكمل دراستي وهو راغب في الزواج، ويخشى على نفسه من الفتنة؟

الجواب

هذا غاش لنفسه، وهذا لم يذق طعم الحياة ولم يذق لذة الحياة، هذا يريد أن يعذب نفسه بالعزوبة نسأل الله العفو والعافية، كما تفعل بعض الفتيات التي عذبت نفسها لتكمل دراستها وأصبحت الآن عانساً، وأصبحت عالة في بيت أهلها، نعم.

إذا تأخر زواج المرأة فمن يريدها، هل يأتيها شاب أصغر منها لا.

الشاب لا يريدها، ثم هي إذا أرادها الرجل الكبير قالت: لا أريده ثم المسكينة تذهب حياتها بين هذا وهذا، لا هي تزوجت في أول عمرها بشاب يصونها ولا هي قبلت بهذا الزوج الأخير الذي إن شاء الله يعفها بإذن الله، ولكنها غشت نفسها والعياذ بالله وأصبحت عانساً وعالة على أهلها، وهذا من عدم تدبير ولاة أمور الفتيات، وإلا لو كان الرجال عندهم رشد، وعندهم نصح لبناتهم كما قال صلى الله عليه وسلم: ومعنى الحديث: {من عال جاريتين رباهن وأقام بتربيتهن وإصلاحهن حتى يجعل الله لهن سبيلا كنت أنا وهو كهاتين في الجنة}.

لكن الذي يقول: أنا أريد البنت أن تدرس وتتوظف حتى آخذ حقي منها حق المصروف، أجل، ما بذلت لله، ما بذلت لوجه الله، لم تبذلت للأجر يا مسكين! حتى إن بعض الرجال لمَّا خُطِبَ منه ابنته قال: نعم أزوجك ولكن أريد أن آخذ مرتبها من البنك أنا، ولا لك دخل بهذا، الله أكبر أين الغيرة؟ أين حب الخير لبناتكم يا عباد الله؟!

بنت كبيرة مرضت بلغت من العمر تقريباً أربعين سنة ولما أتى أخوها يزورها في المستشفى قال: سلامات سلامات، والتفتت وأعطته جنبها، وقالت: أخي أسأل الله ألا يبيحك، وأسأل الله أن يحرمك من الجنة كما حرمتني من لذة الزواج، وكما جعلتني أموت بدون أولاد، وأصبح والحسرة تقطع قلبه، وأصبح يطرق أبواب العلماء ماذا أعمل ماذا أفعل ماذا وماذا، فحينئذ لا ينفع الندم، وماتت المسكينة وهي تلفظ آخر أنفاس الحرج على أخيها، الله أكبر يا مسكين! فيا أخي! هذه خير لها، أن تزوجها تبحث عن زوج صالح، تتعاون معها -لأنها امرأة- وتنصحها، وتدلها على الخير، تخبرها بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {من أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة وفساد كبير} أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

والله سوف تكون فتنة وفساد كبير إن استمر الناس على هذه الحالة، فالمرأة تريد زوجاً فلديها شهوة، والشاب يريد زوجة ولديه شهوة، فإذا ثارت هذه الشهوة من هذا وهذه الشهوة من هذه؛ فإنها سوف تكون حرباً شعواء وفساداً كبيراً في الأرض، فاعتبروا بالمجاورين اعتبروا بمن حولكم يا عباد الله! زوجوهم وأعينوهم عليهن، ابذلوا لهم نصف المهر ليكفلها ليأخذها رجل صالح، حتى إذا أتاك الأجل وإذا أنت مطمئن ومرتاح أن ابنتك أو أختك عند رجل صالح، وفقني الله وإياكم إلى ما يحبه ويرضاه.

أيها الأخ السائل: بادر إلى الزواج إن كنت تستطيع، وإن لم تبادر وأنت تستطيع فأخشى أن تكون قد عصيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه يقول: {يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء} فبادر للزواج وسوف تحمد عقباه بإذن الله تعالى، وسوف تكون لك عوناً على دينك وعلى دراستك إن اخترت فتاة دينة.