للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المداومة على الطاعات]

الحمد لله الذي لا يتغير ولا يزول، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن اقتفى آثارهم إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيا عباد الله: اتقوا الله عَزَّ وَجَلّ وأكثروا من إتباع الحسنة بالحسنة، فوالله ما أجمل الطاعة إذا أُتبعت بطاعة، ولا أجمل من الحسنة تتلوها الحسنة بعدها، فتلكم الباقيات الصالحات، التي ندبكم إلى فعلها في محكم الآيات، يقول جلَّ وعلا: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً} [الكهف:٤٦].

فالله الله -يا عباد الله- بالإقبال على ما يرضي الله، فإنه وعد بالخير الكثير لمن أطاعه واتبع رضاه في كل زمان ومكان، فإنه هو الذي أخبر عن نفسه سبحانه وبحمده أنه مع المتقين والمحسنين في كل زمان، أليس هو الذي أخبر عنه رسوله صلى الله عليه وسلم بأنه ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا في رمضان وفي غير رمضان، ينزل حين يبقى ثلث الليل الآخر، ذلكم نزول حقيقي، يليق بجلاله وعظمته، فيقول سبحانه وبحمده: {هل من تائب فأتوب عليه، هل من مستغفر فأغفر له، هل من سائل من فأعطيه مسألته}.

عباد الله: ما هذا الانصراف، وما هذه الرغبة عن الله، الذي يحب من عباده المداومة على تقواه، فحذار يا من سمت نفوسهم في رمضان إلى درجات الصالحين، ونعمت وتلذذت لمناجات رب العالمين، وانخرطت في سلك الطائعين، حذار أن تهدموا ما بنيتم، وتبددوا ما جمعتم، حذار يا من كان في رمضان تقياً رحيماً أن تحول نفسك شيطاناً رجيماً، حذار فما أقبح النكوص على الأعقاب، والالتفات عن الله، بعد أن أقبلت عليه تائباً من ذلك، راغباً في رحمته، خائفاً من نقمته.

حذار بعد أن كنت في عداد الطائعين وحزب الرحمن، وأسبل عليك لباس العفو والغفران أن تخلعه بالمعاصي، فإنها شهوة قصيرة عاجلة تعقبها حسرة دائمة ونار حامية، في يوم يجاء بجهنم، فتزفر على العصاة وتأخذهم الزبانية بلا رحمة ولا عطف، في يوم ينصب فيه ميزان الأعمال: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ} [القارعة:٦ - ١١].

نار بعيد قعرها، شديد حرها، طعام أهلها طعام ينشب في الحلوق {يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ} [إبراهيم:١٧] نار لا يموت فيها ولا يحي، ولا يسمع ندائهم فيها ولا يجاب لهم دعاء، يغاثون بماء كالمهل يشوي الوجوه، {بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً} [الكهف:٢٩].

فاتقوا الله -عباد الله- وواصلوا السير إلى الله، لعلكم تفوزون برضاه، وتكونوا من أهل الجنة التي لا يزول نعيمها، ولا يفنى شبابها، ولا تبلى ثيابها: {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} [الحاقة:٢٢ - ٢٣].

ويقال لأهلها: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة:٢٤] وصلوا على رسول الله كما أمركم الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦].

ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً} اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا ونبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك كرمك وإحسانك يا رب العالمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم احم حوزة الدين، اللهم احم حوزة الدين، اللهم انصر عبادك الموحدين، اللهم انصر دينك وكتابك، اللهم اخذل من خذل دينك، اللهم انصر من نصر كتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين، واخذل من خذل كتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين.

اللهم أذل الشرك والمشركين، اللهم أذل الشرك والمشركين، اللهم دمر أعداء الدين من اليهود والمبشرين وأعوانهم والشيوعيين، اللهم أدر عليهم دوائر السوء، اللهم ارفع عنهم يدك وعافيتك، اللهم مزقهم كل ممزق، اللهم اجعلهم غنيمة للمسلمين، اللهم اجعلهم غنيمة للمسلمين، يا أرحم الراحمين.

اللهم أصلح شباب الإسلام والمسلمين، اللهم أصلح شباب الإسلام والمسلمين، وردهم إليك رداً جميلاً، وخذ بنواصينا جميعاً إلى كل خير يا رب العالمين، واهدنا سبل الرشاد، اللهم اهدنا سبل الرشاد، اللهم أصلح إمام المسلمين، اللهم ارزقه الجلساء الصالحين، وارزقه البطانة الصالحة الناصحة.

اللهم أصلح أولادنا ونساءنا واجعلهم قرة أعين لنا، واجعلنا وإياهم هداة مهتدين وجنبنا وإياهم مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن يا رب العالمين.

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونَّ من الخاسرين، اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا واللواط والزلازل والمحن، وسوء الفتن ولا ننسى هذه الوصية، وصية رسول الله: {من صام رمضان فأتبعه بست من شوال؛ فكأنما صام الدهر} رواه مسلم.

اللهم أعنا على أداء الطاعات، اللهم أعنا على أداء الطاعات، وجنبنا المنكرات يا رب العالمين، اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عباد الله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل:٩٠ - ٩١].

واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكره على وافر نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.