للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حال من لا يخشعون في الصلاة]

أيها المسلمون: التجئوا إلى الله وأقيموا الصلاة كما أمركم الله, وكما صلاها رسول الله, حتى تجدوا لها اللذة وتفرح وتستنير بها قلوبكم.

أما اللذين يصلون ولا يعرفون فائدة الصلاة ولا يقدرونها حق قدرها؛ لذلك ثقلت عليهم الصلوات، ولم تكن قرة لأعينهم، ولا راحة لأنفسهم، ولا نوراً لقلوبهم، إنما يصلون تقليداً للآباء، أو حياء وخجلاً من الناس، أو عادة لا يعتبرونها عبادة، فهم ينقرون الصلاة نقر الغراب، وإذا صلوا خلف من يطمئن بصلاته، قالوا: أنت منفر، أنت مبعد عن الدين الإسلامي.

ويا للأسف الشديد! إنهم يؤولون حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، ولا يعلمون ما هي صلاة معاذ بن جبل رضي الله عنه، إن معاذاً صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء، وجاء إلى قومه ليصلي بهم، فصلى بهم وقرأ سورة البقرة الله أكبر! وهؤلاء يقولون لمن قرأ بالتين والزيتون، أو بالضحى، أو بالشرح، وأحياناً بعبس: إنك منفر ويقولون لمن قال: سبحان ربي العظيم خمس مرات أو سبع مرات، يقولون: إنك منفر، أئت لنا بالواجب مرة واحدة! هل نحن في حالة خوف يا عباد الله؟! ألسنا في أمن ونعمة وطمئنينة ورغد عيش تستوجب الشكر لله، وتستوجب أن نقوم لله قيام من عرف حقه وحق هذه النعم التي هي تترى علينا ليل نهار؟!

إن الذين لا يجدون للصلاة لذة ولا يعرفون لها قدراً، وينقرونها نقر الغراب، ولا يطمئنون فيها، ولا يذكرون الله فيها إلا قليلاً من هم أولئك؟ أولئك هم المنافقون، ولا صلاة لهم ولو صلوا ألف مرة؛ لأن الطمأنينة ركن من أركان الصلاة، ولذلك قال نبينا صلى الله عليه وسلم، المعلم الأكبر الذي جاء بهذا الدين، الذي قال: {صلوا كما رأيتموني أصلي} قال للرجل الذي كان لا يطمئن في صلاته: {ارجع فصل, فإنك لم تصل} فعل ذلك ثلاث مرات، وفي كل ذلك يذهب فيصلي، ثم يأتي فيسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فيقول له: {ارجع فصل, فإنك لم تصل}.

وبعد أن ألقى عذره، قال: {يا رسول الله! والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني} فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم، وأمره بالطمأنينة التي هي ركن من أركان الصلاة.