للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[استغلال أعداء الإسلام لاختلاف المسلمين]

الحمد لله رب العالمين, الذي خلق فسوى, والذي قدر فهدى, يسّر من شاء من عباده إلى طاعته فأسعده ونصره وأيده, وطرد من أشقاه فخذله ووكله إلى نفسه, فصار ذليلاً مخذولاً حيراناً, نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة.

أحمده سبحانه حمداً كثيراً كما يحبه ربنا ويرضى, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فيا أمة الإسلام: اتقوا الله تعالى وأطيعوه, واعلموا أن النصر من عند الله, وأن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.

أيها المسلمون! إن الضعف الذي حلّ بالأمة الإسلامية قد أفقدها شيئاً كثيرًا من هيبتها وعزتها, ومن كرامتها, لقد دبّ الضعف في صفوف المسلمين لما اختلفت الأمة في أهوائها, وتفرقت كلمتها, وتشعبت مناهجها؛ فصارت ألعوبة للأعداء ولقمة سائغة أكلتها سباع الشيطان، وما ذاك يا أمة الإسلام, وما ذاك يا أمة التوحيد, وما ذاك يا أمة لا إله إلا الله! إلا لما تركت الأمة الإسلامية ما فيه غذاؤها الروحي والفكري وهو القرآن والسنة والحكم بهما والتحاكم إليهما.

لما تركوا ذلك -إلا القليل منهم- ورأى أعداء الإسلام والمسلمين منهم ذلك, جلبوا عليهم بخيلهم ورجلهم حتى حسنوا لهم البدع والمنكرات, وحتى غزوا الأمة من كل جانب, وبكل سلاح, غزوها من ناحية الفكر والعقيدة فغيروا الأفكار وأفسدوا العقيدة, غزوها من ناحية الأخلاق والمثل العليا فأفسدوا الأخلاق وهدموا المثل العليا, غزوا الأمة من ناحية المنهج والسلوك فضيعوها في متاهات الجهل والخرافات والبدع وفرقت الأمة دينها, وكانوا شيعاً متفرقة وصدق فيهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: {وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة, قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على ما أنا عليه وأصحابي اليوم} فالله المستعان يا أمة الإسلام!

الأمة الآن شيع متفرقة استبدلت بالحكم بالكتاب والسنة القوانين الوضعية, وأحكام الطواغيت، وهي الحكم بغير ما أنزل الله جل وعلا.

ومع الأسف الشديد لما انزلقت الأمة الإسلامية في ذلك عمّ فيهم الجهل, وأصبحوا الآن يقتل بعضهم بعضا ويسب بعضهم بعضاً في الإعلام والمجلات, وصدق فيهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم حين خطب في يوم عرفة: {ألا فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض} الآن يا أمة الإسلام.

إخوة متجاورون في أوطان متجاورة يقتل بعضهم بعضاً, وأعداء الإسلام تتفرج وتتفكر ماذا يفعلون! يقتل بعضهم بعضاً، ويسب بعضهم بعضاً في الإعلام والمجلات, وصاروا في حلبة الصراع نهبة للأعداء من كل ناحية, فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله.

اللهم إنا نسألك الخلاص لأمة الإسلام، اللهم إنا نسألك الخلاص لأمة الإسلام.