للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المبادرة بالتوبة النصوح]

وعلينا -أيها الإخوة- أن نبادر بالتوبة النصوح إلى الله عز وجل, فنحن الآن ممهلون ولسنا مهملين, نحن الآن في وقت الإمهال، قد خلقنا الله سبحانه وتعالى في هذه الحياة الدنيا وعندنا فرصة نغتنمها في الأعمال الصالحة، قال الله تعالى حاثاً على التوبة النصوح وعلى الإنابة إليه: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} [الزمر:٥٤] وقد يظن بعض الناس أن هذا الخطاب للصحابة فقط، فتمادوا في المعاصي والذنوب ألا يعلمون أن هذا الخطاب للأمة جميعاً حتى يرث الله الأرض ومن عليها؟ فليستمع إليه من كان في قلبه إيمان: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [الزمر:٥٤ - ٥٥] ووالله ما أصيبت الأمة، ولا حصل عندنا الإعراض والغفلة إلا عندما ابتعدنا عما أنزل إلينا من ربنا، فنسأل الله عز وجل أن يردنا إليه رداً جميلاً {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} [الزمر:٥٥] فعندما يحضر العذاب, ويفوت الأوان, يحصل التحسر والتأسف، ولكن هيهات هيهات!!

واسمعوا إلى خبر العليم الخبير بالعباد حيث يقول الله تعالى: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الزمر:٥٥ - ٥٨] فالله سبحانه وتعالى لم يخلق الخلق عبثاً, ولم يتركهم هملاً، بل أرسل إليهم الرسل, وأنزل معهم الكتب, فبينوا وبلغوا، وتركوا أممهم على البيضاء ليلها كنهارها فعند ذلك يتبين من اهتدى ممن أعرض؛ أما من اهتدى فله من الله سبحانه وتعالى خير كثير, وأما من ضل وتحسر عند الموت فلن يقبل منه؛ لأنه قد قامت عليه الحجة, قال تعالى: {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [الزمر:٥٩] فيا لها من خيبة! ويا لها من حسرة وندامة في ذلك اليوم العظيم! يوم لا ينفع مال ولا بنون, عندما تعلو وجوه العصاة القترة والذلة, ويفضحون على رءوس الأشهاد قد كبلوا بالأغلال والسلاسل يسحبون بها على وجوههم إلى نار جهنم وبئس المصير ذلك جزاؤهم؛ لأنهم عصوا الله ورسله، وكذبوا بالحق لما جاءهم قال الله تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} [الزمر:٦٠].