للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ترغيب الله ورسوله في الصلاة]

الحمد لله الذي جعل الصلاة عماد الدين، وصلة قوية بين العبد وبين رب العالمين، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في العبادة، له الركوع والسجود والخضوع والإنابة، وتفويض الأمور إليه والتوكل عليه، ولا حول ولا قوة إلا بالله، أمر ألا تعبدوا إلا إياه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفقه المصلين، وإمام الخاشعين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الذين كانوا على صلاتهم يحافظون، ويسارعون إلى الخيرات، وهم لها سابقون، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فيقول ربكم جل وعلا: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [النور:٣٦ - ٣٨].

عباد الله! يا من تؤمنون بكتاب الله حق الإيمان، إنه في كثير من سور القرآن الأمر بإقامة الصلاة والمحافظة عليها وعلى الخشوع فيها، وقد رغب الله في ذلك ووعد بالفردوس من امتلأت قلوبهم من حب الصلاة والشوق إليها والإقبال عليها؛ لأنها الصلة بين العبد وبين الله، يقول جل وعلا وقوله حق لا يخالف ولا يمانع: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون:١ - ٢] إلى أن قال: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون:٩ - ١١] هكذا جزاء من أقام الصلاة على الوجه الذي يتطلب منه.

وكذلك يأتي الترغيب في السنة المطهرة عن رسولنا صلى الله عليه وسلم ويقول: {أرأيتم لو أن نهراً في باب أحدكم، يغتسل فيه كل يوم خمس مرات؛ هل يبقى من درنه شيء؟ قال: فكذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا} لا إله إلا الله! فضل عظيم من الله لمن يسر له أداء الصلوات في أوقاتها، رواه البخاري ومسلم.

ويقول صلى الله عليه وسلم: {الصلوات الخمس} انتبه يا من تختصر الحديث، وتب في نفسك، فهي أمارة للسوء، بعض الناس يأخذ بجملة من هذا الحديث، ويترك الباقي، فالحديث يقول: {الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تؤت الكبائر} رواه مسلم والترمذي، وهذا الحديث صحيح، ولكن بعض الذين قصرت معرفتهم عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تصلي إلا يوم الجمعة، وينفي عن باقي الأسبوع، فنقول لهم: احذروا ولا تكونوا مثل اليهود عليهم لعنة الله، فإنهم لا يؤمنون بكل ما أمروا به، بل قالوا: {نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ} [النساء:١٥٠] عياذاً بالله من أقوالهم.

عباد الله! إن كنتم آمنتم بالله وبرسوله، فخذوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه، قولوا كما قال أسلافكم بالله حقاً: سمعنا وأطعنا.