للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أدلة تحريم الاحتفال بالمولد]

وقد صرح جماعة من العلماء بإنكار المولد وتحريمه، عملاً بالأدلة المذكورة وغيرها، وقد رددنا هذه المسألة وهي احتفال المولد إلى كتاب الله سبحانه وبحمده، فوجدناه يأمرنا باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به، ويحذرنا عما نهى عنه، ويخبرنا أن الله سبحانه قد أكمل لهذه الأمة دينها، وليس هذا الاحتفال مما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكون ليس من الدين الذي أكمله الله لنا، وأمرنا باتباع الرسول فيه.

ولقد رددنا ذلك أيضاً إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم نجد فيها أنه فعله ولا أمر به، ولا سأله أصحابه رضي الله عنهم، فعلمنا بذلك أن المولد ليس من الدين, بل هو من البدع المحدثة وهو من التشبه بأهل الكتاب من اليهود والنصارى في أعيادهم.

وبذلك يتضح لكل من له أدنى بصيرة ورغبة في الحق وإنصافاً في طلبه: أن الاحتفال بالمولد ليس من الدين الإسلامي في شيء، بل هو من البدع والمحدثات التي أمر الله ورسوله بتركها والحذر منها، ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بكثرة من يفعله من الناس في سائر الأقطار، فإن الحق لا يعرف بكثرة الفاعلين، وإنما يعرف بالأدلة الشرعية كما قال جل وعلا: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام:١١٦].

ثم إن غالب هذه الاحتفالات بالمولد مع كونها بدعة لا تخلو من اشتمالها على منكرات أخرى، كاختلاط النساء بالرجال، واستعمال الأغاني والمعازف, وشرب المسكرات والمخدرات, وغير ذلك من الشرور، وقد يقع فيها ما هو أعظم من ذلك وهو الشرك الأكبر، وذلك بالغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو غيره من الأولياء، وما يقع من دعائه صلى الله عليه وسلم والاستغاثة به، وجعله نداً لله، والاعتقاد أنه يعلم الغيب ونحو ذلك من الأمور الكفرية التي يتعاطاها الكثير من الناس حين احتفالهم بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، وغيره ممن يسمونهم الأولياء.

وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إياكم والغلو في الدين! فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين} فمن العجائب والطرائف أن الكثير من الناس ينشط ويجتهد في حضور هذه الاحتفالات المبتدعة، ويدافع عنها، ويتخلف عما أوجبه الله عليه من حضور الجمع والجماعات، ولا يرفع بذلك رأساً، ولا يرى أنه أتى منكراً عظيماً، ولا شك أن ذلك من ضعف الإيمان وقلة البصيرة وكثرة ما ران القلوب من صنوف الذنوب والمعاصي.

نسأل الله العافية لنا ولسائر المسلمين، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب, فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.