للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خيبة الجبارين في الدنيا والآخرة]

قال تعالى: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ} [إبراهيم:١٥]، والجبار هو الذي يجبر الناس على إرادته دون التزامه بشرع الله سبحانه وتعالى، ودون أن ينظر في أمره هذا الذي يأمر الناس به، فهو يريد أن يجبرهم عليه سواء كان موافقاً لدين الله أم لا.

فهذا هو الذي يسمى جباراً، وإذا امتنع منه أحد قتله، فالجبار هو الذي يسفك الدماء وينتهك الحرمات ليجبر الناس على إرادته الباطلة المحرمة المخالفة لشرع الله، فهذا يخيب دائماً؛ لأنه عاند شرع الله بعد أن وضح له الحق وعلم أن ما جاءت به الرسل هو الحق، ومع ذلك فهو يحاربه ويعانده.

قال تعالى: {مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} [إبراهيم:١٦] قوله: (من ورائه) أي: أمامه تنتظره جهنم والعياذ بالله، ((وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ))، وهو عصارة أهل النار، وصديد أهل النار.

قال تعالى: ((يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ))، فإذا قرب ذلك الإناء الذي فيه صديد من وجهه فإنه يشوي وجهه والعياذ بالله، وتسقط فروة وجهه فيه، ومع ذلك يسقاه بغير إرادته، فيتجرعه ولا يكاد يمر من حلقه، ويتألم بكل قطرة منه، ويعذب بكل أنواع العذاب، فالناس تشرب لكي تبرد مما تجده من حرارة، وهذا يسقى ليزداد عذاباً.

قال تعالى: {يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} [إبراهيم:١٧]، واللحظات الشديدة على الإنسان هي لحظات الانتقال من الحياة إلى الموت، فيأتيه الموت على الدوام والعياذ بالله، قال تعالى: {وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} [إبراهيم:١٧]، نعوذ بالله من ذلك.

ثم بين سبحانه وتعالى حبوط أعمال الكفار يوم القيامة والعياذ بالله، فقال: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ} [إبراهيم:١٨]، وهذا يعني حبوط العمل وذهابه وضياعه وانتهاءه بالكلية والعياذ بالله، ففي الدنيا لم يحققوا أغراضهم، وفي الآخرة كان العذاب الأبدي والعياذ بالله، {ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ} [إبراهيم:١٨].

نسأل الله عز وجل أن يعز الإسلام والمسلمين، وأن يذل الشرك والمشركين، وأن يدمر اليهود والنصارى والمنافقين، وسائر الكفرة والملحدين أصحاب الضلالة والسوء.

اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره، واجعل تدميره في تدبيره، واجعل الدائرة عليه يا رب العالمين.

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا بأسماعنا وعقولنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يرحمنا.

ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين، ونجنا برحمتك من القوم الكافرين، ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير، ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم.

اللهم أعنا ولا تعن علينا، وانصرنا ولا تنصر علينا، وامكر لنا ولا تمكر علينا، وانصرنا على من بغى علينا.

اللهم اجعلنا لك شكارين، لك ذكارين، لك مطواعين، لك رهابين، إليك منيبين مخبتين، اللهم تقبل توبتنا، واغفر حوبتنا وثبت حجتنا، وأجب دعوتنا، واهد قلوبنا، وسدد ألسنتنا، وسل سخائم صدورنا، اللهم اجعلنا من عبادك المخلصين، اللهم اجعلنا من عبادك المخلصين، اللهم إنا نعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم رب السموات السبع، ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والفرقان، نعوذ بك من شر كل شيء آنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اللهم اقض عنا الدين واغننا من الحق، آمين.