للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ليلة القدر]

وفي هذا الحديث دليل على أن ليلة القدر تنتقل؛ لأنه هنا أخبر أنها كانت في ليلة إحدى وعشرين، وفي رواية ثانية: أنها كانت ليلة الثالث والعشرين.

وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس! إنها كانت أبينت لي ليلة القدر، وإني خرجت لأخبركم بها، فجاء رجلان يحتقان)، يعني: كل منهما يقول: لي حق على الآخر.

قال: (معهما الشيطان فنسيتها، فالتمسوها في العشر الأواخر من رمضان، التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة.

قلت: يا أبا سعيد! إنكم أعلم بالعدد منا؟ قال: أجل، نحن أحق بذلك منكم، قال: قلت: ما التاسعة والسابعة والخامسة؟ قال: إذا مضت واحدة وعشرون فالذي تليها التاسعة، فإذا مضت ثلاث وعشرون فالتي تليها السابعة، فإذا مضت خمس وعشرون فالتي تليها الخامسة).

ففي هذا الحديث الترغيب في الأشفاع، والحديث الذي قبله فيه الترغيب في الأوتار.

وعن عبد الله بن أنيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أريت ليلة القدر ثم أنسيتها، وأراني صبحها أسجد في ماء وطين، قال: فمطرنا ليلة ثلاث وعشرين، وصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فانصرفت وإن أثر الماء والطين على جبهته وأنفه) فكان عبد الله بن أنيس يقول: هي ليلة ثلاث وعشرين، وهذا دليل على أنها تنتقل.

فهذا الحديث غير الحديث الأول، وهذا هو الوجه الذي يجمع بينهما؛ لأن الحديثين فيهما الماء والطين.

قال زر بن حبيش: سألت أبي بن كعب رضي الله عنه فقلت: (إن أخاك ابن مسعود يقول: من يقم الحول يصب ليلة القدر-أي: الذي يقوم السنة كلها يصيب ليلة القدر -فقال: رحمه الله، أراد ألا يتكل الناس، أما إنه قد علم أنها في رمضان، وأنها في العشر الأواخر، وأنها ليلة سبع وعشرين، ثم حلف لا يستثني أنها ليلة سبع وعشرين، فقلت: بأي شيء تقول ذلك يا أبا المنذر؟! فقال: بالعلامة أو بالآية التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنها تطلع يومئذٍ لا شعاع لها).

وفي الرواية الأخرى: (هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها، هي ليلة سبع وعشرين) وهذا تصريح بأنها ليلة سبع وعشرين، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرهم بعدة أوامر وبين لهم عدة ليال.

وهناك حديث في الترمذي: (أنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان).

وهذا تصريح بأن ليلة القدر في السنة التي نزل فيها القرآن كانت ليلة أربع وعشرين.

إذاً هي تنتقل في ليالي العشر الأواخر كلها، وهذا أصح الأقوال.

والله أعلى وأعلم.

والمقصود بأن الشمس تطلع وليس لها شعاع أي: تطلع بيضاء نقية لا شعاع لها، سواء كانت حمراء، أو بيضاء، وذلك في أول طلوعها.