للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[دعوة الرسل للتوحيد]

قال تعالى: ((قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ) أي: أفي وحدانية الله شك؟ وفي تفسيرها قولان: القول الأول: أفي وجود الله شك، وهذا وجه ليس بظاهر، إذ عامة الأمم كانت تقر بوجود الله، وإنما تنازع في ألوهية الله وحده لا شريك له، وتنازع في أنه وحده الإله المعبود، فيجعلون آلهة معه، ومنكرو الألوهية قليل.

القول الثاني: أفي وحدانيته في الربوبية والألوهية شك؟! وهذا أظهر من القول الأول وهو متضمن له؛ لأننا إذا أقررنا بوحدانية الله عز وجل، ورضينا به رباً وإلهاً هذا إثبات وجوده بالأولى والقطع واليقين.

وهذه الحقيقة هي أكبر اليقينيات؛ إذ لا يمكن أن يرتاب فيها عاقل؛ لأن كل عاقل يوقن أن كل فعل لابد له من فاعل، وإذا رأى آثار الإحكام والإتقان على الصنعة، فلابد أن يكون الصانع عليماً حكيماً قادراً، له كل صفات الكمال، وبالتالي فهو وحده الذي يستحق أن يعبد.

فهذه كبرى اليقينيات التي استقرت في نفوس البشر، والتي يحتاجونها أكثر من الماء والهواء، ويردونها كالماء والهواء، كما قال موسى صلى الله عليه وسلم لـ فرعون: {رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إنْ كُنتُمْ مُوقِنِينَ} [الشعراء:٢٤].

فهذه أعظم اليقينيات، فمن كان موقناً بشيء فليوقن بوحدانية الله، وأنه رب السماوات والأرض وما بينهما، وأنه وحده الذي يستحق أن يعبد، وهذه هي قضية التوحيد.