للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تاريخ وقوع النصر]

متى يقع التغيير؟ قال الله تعالى: ((وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ))، فلا نجعل التاريخ محدداً، أو نجعل نهاية الدنيا كلها خلال خمسمائة سنة بعد ألف وثمانمائة، أو ألف وأربعمائة، أو هذا هو القرن الذي ستنتهي فيه الدنيا، هذه خزعبلات، دعوكم منها عباد الله! ولابد أن نعلم أن القريب ربما يكون بعد ألف سنة، والله عز وجل أنزل: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} [القمر:١] من ألف وأربعمائة سنة؛ لأن ألف وأربعمائة سنة وزيادة شيء يسير بالنسبة لله سبحانه، فلا تظنوا أن هناك تاريخاً محدداً لذلك.

قال تعالى: ((وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ)) فليس للنبي صلى الله عليه وسلم أمر، كما قال عز وجل: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران:١٢٨] ثم قال: ((وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ) وهذا كقوله: ((اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا) وكقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:٥]، فهذه قضية عظيمة ومهمة، ثم قال سبحانه: ((فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)) فمراقبة الله سبحانه وتعالى، وإخلاص النية له عز وجل، لو علم الله الرغبة في نصرة دينه، واتباع كتاب الله عز وجل من طائفة منا، ليس حتى من جميعنا، لتغير الواقع الذي نعيشه بإذن الله؛ فإن الله سبحانه وتعالى ناصر دينه، ومظهر كلمته سبحانه وتعالى، ومعليها في الأرض كلها ولو كره الكافرون.

وهذا اعتقاد راسخ لا بد أن نوقن به؛ ولكن لابد أن نكون لبنات في البناء، وخطوات على الطريق، وأساس يوضع؛ ليرتفع عليه البناء على قواعد مدفونة تحت الأرض، لا على ظاهرها، لئلا يسقط مع أبسط هزة البناء.

فلابد أن نكون نحن لبنات في البناء، وأساس له، وسيظهر قطعاً بإذن الله، وبلا شك أن المهدي من أبناء أحد أفراد هذه الأمة، ونحن لا نعرف متى مواعيده، لكن هو غير موجود هذا الوقت جزماً، لكن سيكون من أبناء أهل الإسلام من نسل النبي صلى الله عليه وسلم.

وهكذا الذين يجاهدون الدجال، والذين يفتتحون قسطنطينية ورومية، سيكونون من أبناء المسلمين اليوم بإذن الله تبارك وتعالى، فمن الذي علمهم؟ من الذي رباهم؟ إلا نحن، فلننظر كيف تربيتنا لأبنائنا ولأمتنا.

إن كنا نريد أن نكون على الطريق بإذن الله تبارك وتعالى؛ فلنكن نحن الذين ربيناهم، أو ربينا الذين يربونهم، ونجتهد في ذلك، ويمكن أن نكون نحن، والله أعلم، فالأحوال تتغير في لحظة، والموازين الدنيوية سرعان ما تتبدل في أسرع من لمح البصر، قال عز وجل: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} [القمر:٥٠] يقول سبحانه للشيء: كن فيكون، ولا يحتاج الأمر إلى تسمية أو تكرار، فبإذن الله تبارك وتعالى تنقلب الموازين على أعداء الله عز وجل من حيث لا يشعرون، لكن لا ندري متى، فنعمل الواجب علينا، وما شاءه الله كان.