للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شبهة فرعون وقومه في عدم الإيمان بموسى]

الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

أما بعد: فقد قال الله عز وجل: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} [يونس:٧٩]، فلو كان فرعون يبتغي الحق -كما يزعم- فلماذا يستعمل الباطل الذي يتهم موسى به، وصار يأتي بالسحرة من كل أرجاء مملكته، فأتته رسله وأتوه بكل سحار عليم.

فالسحار: هو المبالغ في السحر، فأتوه بكل من يحسن السحر، بالسحرة المبالغين والأساتذة الكبار الذين يحسنون أنواعاً لا يحسنها غيرهم، وبالتلاميذ كذلك، وبالدرجة الثانية من السحرة طالما كان عندهم علم، فأتوا بالألوف لمواجهة رجلين اثنين أحدهما تبع للآخر، وموسى عليه السلام هو الذي يستعمل آيات الله عز وجل ويلقيها على الناس.

قال عز وجل: {فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ} [يونس:٨٠] أي: حين جمع الناس يوم الزينة ضحى، واجتمع الآلاف من القوم ينظرون، جاء فرعون في ملئه وأبهته ومعه آلاف السحرة من حوله، وواجههم موسى عليه السلام بعد أن نصحهم وذكرهم بالله عز وجل وقال: {وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى * فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى * قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى} [طه:٦١ - ٦٣].

فبين سبحانه وتعالى أن موسى عليه السلام قال لهم: ((أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ)) وذلك بعد أن ذكر سبحانه وتعالى من شبهات قوم فرعون.

كما في قوله سبحانه وتعالى: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ} [يونس:٧٨] وكانت هذه من شبهاتهم الباطلة، فهم يزعمون أنهم على الحق.