للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شدة عذاب النار وهوله]

الهلاك الذي لا نجاة بعده هو عذاب النار، يتعذب فيها الإنسان فيها بكل شيء، وفي كل لحظة من لحظاته، وفي كل جزء من أجزائه، فهو يتعذب بالنَفَس كما قال تعالى: {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} [هود:١٠٦]، ويتعذب بالطعام كما قال تعالى: {وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا} [المزمل:١٣].

(ذا غصة) أي: طعام ذا شوك يأخذ في حلق الكافر فيظل في حلقه لا يستطيع ابتلاعه، ولا يستطيع لفظه، فيمسك بحلقه ذلك الشوك فلا يستطيع خلاصاً منه، ويتعذب بالشراب فإن شرابهم من حميم والعياذ بالله كما قال تعالى: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد:١٥]، وقال تعالى: {لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا * إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا * جَزَاءً وِفَاقًا} [النبأ:٢٤ - ٢٦].

فالغساق: هو ما يسيل من عيونهم وصديدهم وجروحهم في غاية البرودة والنتن والعياذ بالله! ويتعذبون بالملابس التي يلبسونها قال عز وجل: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الحج:١٩ - ٢٢] نعوذ بالله من ذلك! والمقمعة: هي التي يضرب بها الفيل، وهي: حديدة عظيمة يضرب بها الفيل على رأسه، فينقمع هذا في الدنيا فكيف بمقامع الآخرة؟! ويعذبون في فرشهم كما قال تعالى: {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} [الأعراف:٤١] نعوذ بالله من النار!