للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إمامة إبراهيم عليه السلام للناس]

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وعليه وعلى آله وسلم.

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:١].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر:١٨].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد: فقد جعل الله عز وجل إبراهيم عليه السلام إماماً للناس، وأوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم: أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين، وهذه الإمامة نالها إبراهيم بتوفيته للمقامات التي ابتلي بها كلها، كما قال تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة:١٢٤]، وإنما تنال الإمامة في الدين بتوفية مقامات العبودية حقها، قال عز وجل: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} [النجم:٣٧]، ومن مقامات هذه العبودية الدعوة إلى الله عز وجل والصبر على الأذى، والتوكل على الله سبحانه وتعالى، والتضحية بالنفس والوطن والأهل والولد في سبيل الله عز وجل.